الاحتياج ، وهو يبتغي رضا الله تعالى ويريد العمل بالشرع المبين ، ولو اهتمّ العلماء بهذا الموضوع وتشييد أركانه وإعلام الناس بحدوده وقيوده وتعليم فروعه وآدابه ، لما حصلت هذه المفاسد العظيمة التي أخلّت بالنظام ، مع علمهم بأنّ الإنسان لا يمكنه التغاضي عن حاجته الفطريّة ، ولو لا ما تفاحش الزنا ـ العلن منه والخفي ـ لرأيت وقوع الناس في الحرج والمشقّة وسمعت الضجّة في الخلاص من الورطة ، ولو بقيت شرعية المتعة ولم يحصل منع وتحريم ، لما كان وقع للزنا واللواط وسائر الفواحش في المجتمع الإسلاميّ التي هددت كيانه واستنزفت أمواله وهتكت أعراضه ، وفشت بها الأمراض الموبقة الرديّة ـ الجسمانيّة والروحانيّة ـ في أفراده ، ودبّ الضعف في جسمه وكيانه ، وفسدت أخلاقه ، وأفسدت النسل بالتعرّض للهلاك والدمار ، ولو وجد لهذه الشهوة المكنونة طريق يغنيهم من الدخول في خسّة الزنا والسفاح ، لما استرسل أكثرهم في هذه الزذيلة ، ولما استدرجوا في اتباع الهوى ، ولما اجترؤوا على الزنا بالمحصنات وهتك الأعراض ، ولما اختلطت الأنساب ، ولما ظهرت المفاسد الأخلاقيّة ، وهذا هو السرّ في قول أمير المؤمنين عليهالسلام : «لما زنى إلا شقي» ، أو «لما زنى إلا شفى» ، أي : القليل.
ثم إنّه ذكر نكاح المتعة في علوم متعدّدة منها علم الكلام.
ومنها : علم الفقه ، فبحثوا فيه من حيث الجواز والحرمة.
ومنها : علم التفسير من حيث النظر في دلالة قوله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ، فإنّهم اختلفوا في أنّه هل يدلّ على تشريع المتعة ، وعلى فرضه فهل هو منسوخ بشيء كالآيات والسنّة كما عرفت آنفا ، وعلى فرض التشريع فهل تشريعه ابتدائي أو إمضائي. كما ذكر أمر المتعة في علم السير والتراجم ، ونحن نذكر بعض ما قيل في هذا الموضوع مطلقا ، والتفصيل يطلب من محله.