للذين كان يولّيهم على البلاد ، حيث يتمشّى منهم الخطأن ومع ذلك فرض متابعتهم ، وورد : أنّه : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» ، فإنّه يمكن تقييد إطلاق الآية الشريفة بالنسبة الى الفسق ، فإن كان ذلك صحيح وقد دلّت عليه أدلّة كثيرة إلا أنّ ذلك لا يوجب صرف ظهور الآية المباركة ، الذي يدلّ على افتراض طاعة اولي الأمر من دون تقييد واشتراط ، كما دلّت على افتراض طاعة الرسول ، ولا شيء من الأدلّة ما يوجب تقييدها ، بحيث يصير معنى الآية الكريمة : (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأطيعوا اولي الأمر فيما لم يأمروا بمعصية أو لم تعلموا خطأهم ، وإلا فلا طاعة لهم عليكم في الصورة الاولى ويجب عليكم تقويمهم وإعلامهم بالخطإ في الصورة الثانية) ، فإنّ ذلك بعيد عن ظاهر الآية الشريفة التي هي في مقام البيان ، فتكون طاعتهم كطاعة الرسول صلىاللهعليهوآله بمقتضى التشريك وذكر طاعة واحدة لهما ، فلو كان كذلك لوجب بيانه كما بيّن في موارد اخرى أقلّ خطرا وأهمية من المقام ، كما في طاعة الوالدين على ما تقدّم.
الثاني : أن يكون المراد من اولي الأمر هم أهل الحلّ والعقد ، وهم الهيئة الحاصلة من وجوه الامة الذين يديرون أمرها ، كالأمراء والحكّام ورؤساء الجنود وغيرهم والزعماء الذين يرجع إليهم الناس في الحاجات والمصالح العامّة ، فهؤلاء إذا اتفقوا على أمر وحكم يرجع الى صالح الامة وجب عليهم الطاعة لهم بشرط أن يكونوا أمناء ، وأن لا يخالفوا أمر الله ولا سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأن يكونوا مختارين في بحثهم في الأمر واتفاقهم عليه ، بل يمكن أن يقال : إنّ هذه الهيئة معصومون في هذا الإجماع ؛ ولذلك اطلق الأمر بطاعتهم لا شرط.
ويردّ عليه : أنّ دلالة الآية الشريفة على عصمة اولي الأمر صحيح ، وقد اعترف به جمع كثير من العلماء والمفسّرين من الجمهور ، بل كلّ من فسّر الآية المباركة بهذا المعنى لا بد له من القول بالعصمة ، وتقدّم ما يرتبط بذلك ، وسيأتي مزيد بيان في مورده إن شاء الله تعالى.