حقّه ، فإن كان زكيّا يصله إلى جزاء عمله ، وإن لم يكن كذلك فلا يستفاد من تزكيته لنفسه شيئا.
ويستفاد من ذلك أنّ التزكية الحاصلة من الإنسان لنفسه إنّما هي من الظلم للنفس ؛ لأنّه إن لم يهذبها عن الرذائل ولم يزيّنها بالكمالات ، رجع ذلك إلى الغرور والتكبّر والاستعلاء على الغير.
قوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ)
بيان لبعض ما يتصف به من يزكي نفسه ، وقد ذكر عزوجل ثلاثة أوصاف له : الكذب ، والبخل ، والحسد ، ويظهر من ذلك أنّ التزكية للنفس أمر مستنكر تستتبع أهمّ الصفات الرذيلة وأشنع الأخلاق الفاسدة ، ولمزيد التشنيع عليهم أنّ الله تعالى أمر نبيّه الكريم صلىاللهعليهوآله بالنظر تأكيدا للتعجّب المستفاد من سياق الآية الشريفة ، وأنّهم مع تزكيتهم لأنفسهم وادعائهم الفضل لها باطلا ، يفترون على الله الكذب بتلك الافتراءات التي حكاها عزوجل في مواضع متفرّقة ، كادعائهم النبوّة ، وأنّ الله تعالى خصّهم بحبّه وولايته ، وغير ذلك ممّا افتروه عليه سبحانه وتعالى.
ويستفاد من الآية الشريفة أنّ التزكية بنفسها كذب ؛ لأنّه تصرّف في سلطان الله تعالى. وفي التصريح بالكذب مع أنّ الافتراء أيضا ـ كذلك كما عرفت ـ للتأكيد والمبالغة على شناعة الفعل ، فإنّ الكذب على الله تعالى يختصّ بمزيّة ، وهي أنّه افتراء محض.
قوله تعالى : (وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً)
أي : كفى بالكذب على الله تعالى أنّه إثم ظاهر واضح ؛ لأنّ في التزكية جرأة على الله تعالى ومحادّة له عزوجل وشرك وتصرّف في سلطانه ، ووصف الذنب بالمبين لتعظيمه وذمّه ، وهو كاف في استحقاقهم العذاب والجزاء ، وتقدّم أنّ من يشرك بالله تعالى فقد افترى إثما عظيما (الآية ـ ٤٨) ، وهنا كان إثما مبينا للإرشاد