الخطأ والنسيان والسهو ، فإنّ الله تعالى أوجب قبول حكمه وقضائه من غير شرط ، فلو احتمل فيه ذلك لوجب بيانه.
الثامن : يدلّ قوله تعالى : (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ، أنّ التسليم من أعلى المراتب في الإيمان ، وأنّه لا يصل الإنسان إلى هذه المرتبة الا بعد طيّ مراحل عديدة ، ذكرها عزوجل في هذه الآية المباركة ، وهي الإيمان والطاعة لله وللرسول ، وقبول حكمه من دون حرج وحزازة قلبيّة وتردد ، ثم يصل إلى المرتبة الأخيرة وهي تسليم الأمر إلى الله والرسول والانقياد لهما انقيادا تامّا بالقول والفعل.
وهذه هي المرتبة التي أوصى بها الأنبياء عليهمالسلام أممهم ، وأكّد سبحانه وتعالى عليها في مواضع متفرّقة في القرآن الكريم ، قال تعالى حكاية عن إبراهيم : (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٣٢].
بحث روائي :
في الكافي بإسناده عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «لقد خاطب الله أمير المؤمنين عليهالسلام في كتابه ، قلت : في أيّ موضع؟ قال عليهالسلام : في قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً* فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) ، فيما تعاقدوا عليه : لئن أمات الله محمدا ألّا يردّوا هذا الأمر في بني هاشم ، (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ) عليهم من القتل أو العفو (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)».
أقول : الرواية من باب التطبيق ، وقد استفيضت روايات في أنّ الآيات الشريفة نزلت في شأن علي عليهالسلام ، ولا محذور في ذلك أصلا ، والمراد من الخطاب توجيه الكلام إليه عليهالسلام ، كما يوجّهه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله والمؤمنين.
روى الحافظ ابن عساكر : «أنّ أعرابيا جاء إلى قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله وحثا من