ترابه على رأسه وخاطبه ، وقال : وكان فيما انزل عليك : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) ، وقد ظلمت وجئتك تستغفر لي ، فنودي من القبر : قد غفر لك ، وكان هذا بمحضر من عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام.
أقول : أمثال هذه الرواية التي تدلّ على خروج النداء من قبور أولياء الله تعالى وأصفيائه كثيرة ، لارتباط الأرواح الطيبة مع عالم الشهادة وعدم انقطاعها عنه بالمرّة ، تقول فاطمة الخزاعيّة : «غابت الشمس بقبور الشهداء ومعي اخت لي فقلت لها : تعالي نسلّم على قبر حمزة وننصرف ، قالت : نعم ، فوقفنا على قبره فقلنا : السّلام عليك يا عمّ رسول الله ، فسمعنا كلاما ردّ علينا : وعليكما السّلام ورحمة الله وبركاته ، قالتا : وما قربنا أحد من الناس».
وعن ام سلمة : «والله لا يسلم عليهم أحد إلا ردّوا إلى يوم القيامة». وقد ورد مثل ذلك عن قبر الحسين عليهالسلام ، وعن قبر مولانا أبي الحسن الرضا وغيرهم من الأولياء ، فكيف بقبر خاتم الأنبياء الذي هو أشرف ولد آدم وفخر الكائنات وصاحب اللواء!! لكن الحجب الظلمانيّة حالت بيننا وبين سماع كلامهم ، بل أنّها حالت بيننا وبين جميع الروحانيات والمعنويات ، ولم يمنع حاجب عن وصول كلام الأعرابي إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فسمعه نبيّ الرحمة واستغفر له وردّ جوابه. فقد ورد عنه صلىاللهعليهوآله : «ابعثوا إليّ السلام ، فإنّه يبلغني».
وكيف كان ، يستفاد من الرواية امور :
الأول : أنّ استغفار رسول الله صلىاللهعليهوآله للعاصين والمذنبين من أمته لم يختصّ بزمان حياته صلىاللهعليهوآله ، بل يعمّ حتّى بعد ارتحاله إلى الملأ الأعلى ؛ لعدم انقطاع فيضه عن أمته.
وما أبعد ما بين مفاد هذه الرواية وبين ما يقوله بعض المفسّرين من أنّ الآية المباركة تختصّ بالإعراض عن الطاعة فقط ، وبعصر الرسول صلىاللهعليهوآله ، فلا يشمل بعد ارتحاله صلىاللهعليهوآله.