سنّة اجتماعيّة يتطرّق إليها التطور كما يتطرّق في كلّ سنن الحياة ، وهما أصلان باطلان ، وكيف يمكن أن يجعل ذلك أصلا يبتني عليه الدين بجميع معارفه وأحكامه وأصوله وفروعه ، وأن يكون ما يصدر من الخلفاء من بعد عصر النبيّ صلىاللهعليهوآله الى العصر الحاضر مثل ما يصدر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فهذا أمر لا تتقبّله الفطرة المستقيمة.
الثالث : أنّ المراد باولي الأمر هم الخلفاء الراشدون ، أو أمراء السرايا ، أو العلماء الذين يقتدى بأفعالهم وأقوالهم وآرائهم.
ويرد عليه أولا : أنّه لا دليل على ذلك.
وثانيا : أنّ الآية الشريفة تدلّ على عصمة اولي الأمر ـ كما عرفت ـ ولا عصمة في هؤلاء المذكورين باعتراف الجميع.
الرابع : أنّ الآية الكريمة لا تدلّ على شيء ممّا ذكره المفسّرون والعلماء على اختلاف أقوالهم ؛ لأنّ فرض طاعة اولي الأمر ـ كائنين من كانوا ـ لا يدلّ على أنّ لهم ميزة فضلا ليس لغيرهم أصلا ، بل أنّ طاعتهم في هذا الأمر مثل طاعة الجبابرة والظلمة عند الاضطرار اتقاء شرّهم ، فإنّه لن يكونوا أفضل ممّن يطيعهم عند الله تعالى. مع أنّ الحكم في هذه الآية المباركة كسائر الأحكام الشرعيّة تتوقّف فعليتها على تحقّق موضوعاتها ، فإذا تحقّقت وجب تنفيذها ، وإلا فلا يكون أحد مكلّفا بإيجاد الموضوع حتّى يتحقّق الحكم ويصل الى المرتبة الفعلية ، وهذا واضح ، فلا يجب علينا إيجاد اولي الأمر حتّى يجب علينا طاعتهم ، ولكن إذا وجد وجبت طاعتهم.
ويرد عليه : أنّ ما ذكره مبنيّ على أن يكون المراد باولي الأمر هم السلاطين والأمراء وغيرهم ، وقد عرفت فساده ، يضاف الى ذلك أنّ الله تعالى لم يأمر بطاعة الظالمين فضلا عن أن يقرن طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله ، بل قد ورد النهي الأكيد عن ذلك في عدّة موارد من القرآن الكريم ، قال تعالى : (وَلا