(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٢٩) وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (٣٠))
بيان لحكم آخر من الأحكام الاجتماعيّة التي لها ارتباط وثيق في حفظ النظام وسعادة الإنسان ، فقد ذكر سبحانه وتعالى اصول الأحكام النظاميّة ، وهي ثلاثة : العرض ، وقد ذكر أحكامه في الآيات السابقة ، والأموال وقد نهى عن التصرّف فيه بالباطل ، والنفوس وبيّن أنّه لا يجوز قتل النفس المحترمة ظلما ، فالآيات الشريفة السابقة منضمّة إلى هذه الآية الكريمة ، قد جمعت الأصول النظاميّة الاجتماعيّة ، كما في قوله صلىاللهعليهوآله : «المسلم على المسلم حرام ، ماله ودمه وعرضه» ، ومجمل أحكامها التي لها دخل في سعادة الإنسان ، كما ذكر عزوجل أنّ التعدّي عنها يوجب الشقاء ودخول النّار والعذاب الأبدي.
التفسير
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ).
الخطاب عامّ يشمل جميع الناس ـ المؤمن وغيره ـ فإنّ أحكام الآية الكريمة امور يحكم بصلاحها فطرة العقول ، وإنّما خصّ المؤمنين بالخطاب تشريفا لهم ؛ ولأنّهم أولى بالتنفيذ لأحكام الله تعالى.
والأكل معروف ، والمراد به في المقام مطلق التصرّف الحاصل من الاستيلاء والسلطنة ، وإنّما عبّر تعالى به لأنّه أعظم المنافع وأعمّها ، فإنّ العمدة من تصرّفات الإنسان في الأشياء هي التغذّي والأكل ؛ لأنّه يحتاج إليه في بقائه.
و (بَيْنَكُمْ) منصوب على الظرفيّة أو الحاليةّ من (أَمْوالَكُمْ) ، وفي تقييد الأكل به للدلالة على أنّ المراد التصرّفات الدائرة على التداول والتعامل ،