بثوبه وسأله أن يرضى عنه فرضي عنه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية وأمر بطاعة اولي الأمر».
أقول : على فرض صحّة الرواية ، تقدّم في التفسير أنّ طاعة اولي الأمر في معصية الخالق لا يجوز عقلا وشرعا ، فعن النبي صلىاللهعليهوآله كما في الدرّ المنثور : «لا طاعة لبشر في معصية الخالق» ، أو : «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» ، وغيرهما من الروايات المتواترة بين المسلمين ، فلا وقع لعتاب خالد أصلا ؛ ولذا أمضى النبي صلىاللهعليهوآله فعل عمار ، وأما نهي النبي صلىاللهعليهوآله لعمّار ، فهو إرشادي في غير معصية الخالق لبعض المصالح ، وتقدّم في التفسير أنّ المراد من اولي الأمر من له أهليّة الإطاعة بإفاضة من الله تعالى ، أي : المعصوم عن الخطأ ، فلا ينطبق على أمراء السرايا وغيرهم ، ويستفاد من الرواية شأن عمار عند الله تعالى وعند رسوله صلىاللهعليهوآله ، وأما نزول الآية الشريفة ، فلا يدلّ على تعيين مصداق اولي الأمر في المورد إلا بعد تعيين النبيّ صلىاللهعليهوآله له ، ويحتمل أن النبيّ صلىاللهعليهوآله عيّن عمارا أميرا للسرية في الواقع ولم يظهره لأجل مصلحة يراها.
وكيف كان ، فالرواية لا تدلّ على وجوب طاعة غير الأئمة المعصومين عليهمالسلام ، أي غير اولي الأمر من آل محمد ، كما عن جابر ومرّ في التفسير.
بحث عرفاني :
لا شكّ في أنّ تقرّب الإنسان إلى خالقه ومبدئه هو من أسمى الكمالات وأجلّها ، بل هو نتيجة جهد الأنبياء والأولياء ، به تطمئن النفوس وتستقرّ وتحصل السعادة في عالم الشهادة وسائر العوالم ، وبه يذوق الإنسان لذّة الحضور في ساحة المعشوق ، وإنّما خلقت الدنيا لأجل ذلك ، قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [سورة الذاريات ، الآية : ٥٦] ، ويدلّ على ذلك الأدلّة العقليّة والنقليّة.