التفسير
قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ).
مادة (نكح) تدلّ على الانضمام والاختلاط ، يقال : نكح المطر الأرض. إذا اختلط بثراها ، وتناكحت الأشجار إذا انضمّ بعضها مع بعض ، وتطلق على العقد باعتبار كونه سببا لاختلاط أحد الزوجين مع الآخر بالوجه الشرعي ، كما تطلق على ما وراء العقد وما يقصد به ، باعتبار كونه من لوازم الانضمام والاختلاط ، الظاهري ، أو على مسبّبه الواقعي وهو الوطء ، فالحقيقة واحدة والاختلاف بالاعتبار ، وقد استعمل في كلّ منهما ، ففي الحديث عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «ولدت من نكاح لا من سفاح» ، أي : من وطء حلال لا حرام ، وفي حديث آخر عنه صلىاللهعليهوآله : «يحلّ للرجل من امرأته الحائض كلّ شيء إلّا النكاح» ، وقال الأعشى :
فلا تقربن جارة إن سرها |
|
عليك حرام فانكحن أو تأبدا |
أي : العقد. وبعد ذلك لا وجه للنزاع في كون هذا اللفظ حقيقة في العقد أو الوطء ، فإنّه استعمل في المعنى الجامع ، وهما من مظاهر ذلك. والنكاح في الشرع علقة الزواج ، وسببها هو العقد المبيح للوطء.
وكيف كان ، فالمراد من النكاح المنهي عنه في الآية الشريفة ، ما ضمّه الأب إليه من النساء بالعقد أو الوطء ، فيشمل المعقود عليها بالعقد الصحيح ، والموطوءة بالملك ، والموطوءة بالسفاح ، ويدلّ على ذلك الإجماع والأخبار المستفيضة.
و «ما» في قوله تعالى : (ما نَكَحَ آباؤُكُمْ) موصولة واقعة على النوع أو القسم ، أي : لا تنكحوا مصاديق هذا النوع أو القسم ، نظير قوله تعالى : (أَوْ ما