وكيف كان ، فإنّه يمكن المناقشة في هذا المعنى.
أما أولا : فإنّ عصمة اولي الأمر بهذا المعنى تتصوّر على وجوه :
الأول : أن يكون المتصف بالعصمة جميع أفراد أهل الحلّ والعقد وآحادهم ، أي : أنّ الحكم مترتّب على كلّ فرد فرد ، نظير العامّ الإفرادي المعروف في علم اصول الفقه ، فيكون المجموع معصومين ؛ لأنّه ليس المجموع إلا الآحاد والأفراد.
وفيه : أنّ هذا مجرّد فرض لا مصداق له في الخارج ، فإنّه لم يتحقّق مورد في هذه الامة أن اجتمع فيه أهل الحلّ والعقد وكان جميع الأفراد فيه معصومون ، وهذا ممّا لا ريب فيه ، وإذا كان كذلك فمن المحال أن يأمر الله تعالى بشيء لا مصداق له في الخارج.
الثاني : أن يكون المتّصف للمجموع ما هو مجموع ، أي : أنّ العصمة صفة حقيقيّة قائمة بالهيئة ، نظير العامّ المجموعي في علم الأصول ، فلا تكون الآحاد والأفراد معصومين ، فيجوز عليهم المعصية وإذا صدر حكم منهم مع هذه الحالة فيمكن أن يكون داعيا الى الضلال والمعصية ، بخلاف ما إذا رأته الهيئة ، فإنّ عصمتها تمنع من ذلك.
وفيه : أنّ الهيئة والمجموع أمر اعتباري لا يمكن أن يكون موضوعا لصفة حقيقيّة ، فإنّ الهيئة الاجتماعيّة لأهل الحلّ والعقد لا وجود لها في الخارج إلا الأفراد والآحاد.
الثالث : أن تكون العصمة منحة إلهيّة لهذه الامة تصون هذه الهيئة أن تأمر بالمعصية ، أو أن تقع في الخطأ ، فليست العصمة وصفا لأفراد هذه الهيئة ولا لنفس الهيئة كما عرفت في الوجهين المتقدمين ، بل الله تعالى يصونها عناية منه عزوجل على الامة ، ويدلّ على هذا الحديث المعروف عنه صلىاللهعليهوآله : «لا تجتمع امّتي على خطأ» ، نظير ذلك الخير المتواتر المصون عن الكذب ، فإنّ العصمة فيه ليست