ثمّ إنّ السيئات جمع السيئة ، وقد أطلقت في القرآن الكريم على معان ، منها كلّ ما يكرهه الإنسان ويسؤه ، قال تعالى : (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) [سورة النساء ، الآية : ٧٩] ، وقال تعالى : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ) [سورة الرعد ، الآية : ٦].
ومنها : نتائج المعاصي والآثام ، سواء كانت دنيويّة أم اخرويّة ، قال تعالى : (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) [سورة النحل ، الآية : ٣٤] ، وقال تعالى : (سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) [سورة الزمر ، الآية : ٥١].
ويمكن إرجاع هذا المعنى إلى الأوّل أيضا ، فإنّ تلك الآثار قد جلبها الإنسان على نفسه بسبب ارتكابه المحرّمات والمعاصي ، وهي تسؤه في الدنيا أو الآخرة.
ومنها : مطلق المعصية ، قال تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) [سورة الجاثية ، الآية : ٢١] ، والإطلاق فيه يشمل الكبائر والصغائر.
وأمّا السيئات في الآية الشريفة : (نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) ، فإن لوحظت مقابلتها للكبائر ، تنحصر لا محالة في الصغائر ، وإن لوحظت سعة رحمته جلّ شأنه وسعة تكفيره وغفرانه ، تعمّ الكبائر أيضا ، فيراد حينئذ بقوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ) ، صرف وجود الكبيرة ، وإنّما أتى عزوجل بالجمع باعتبار جميع أفراد الناس ، ومقتضى الجمود على ظاهر اللفظ هو الأوّل ، ولكن مقتضى ما ورد في سعة رحمته عزوجل غير المتناهية هو الثاني ، ويقتضيه ظاهر الامتنان في الآية المباركة ، خصوصا مع ما ذكره الفقهاء وعلماء الأخلاق من إنهاء الكبائر إلى سبع وسبعين ، التي لا يخلو عنها غالب الناس ، وما ورد عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «من الجمعة كفّارة من الذنوب» ، وما ورد في غفران شهر رمضان ، وما ورد في الغفران في يوم عرفة ، قال عليهالسلام : «ما وقف بهذه الجبال