آخر ، ومنها غير ذلك ، وقد تقدّم أنّ الشهادة لا تكون إلا لمن اصطفاه الله تعالى لهذا المقام ، وهم الأنبياء والأوصياء.
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) المنزلة المحمودة والمقام الكريم لسيد الأنبياء صلىاللهعليهوآله ، فإنّ خاتم الأنبياء مضافا إلى كونه شاهدا على أمته ، فهو شاهد على جميع الأنبياء وأممهم ؛ لأنّ شريعته غاية التشريعات السماويّة ، ومكمل الأديان الإلهيّة ، فلا يليق هذا المقام إلا له وهو منحصر به.
السادس : يدلّ قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) على أنّ الإنسان إذا انقطعت عنه الحجّة وتوصدت عليه الأبواب ، يتمنّى أن يكون ترابا تطأه الأقدام فيغفل عنه الناس ويستولي عليه كلّ أحد ، ولا يكون مثارا للسؤال والجزاء المهين.
السابع : المراد من التسوية تسوية الكفّار الذين عصوا الرسول مع الأرض ، بقرينة الآية الشريفة : (وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) [سورة النبأ ، الآية : ٤٠] ، لا تسوية الأرض معهم ، فإنّ ذلك لا يناسب المعنى وبعيد عن الآية الشريفة بالمرّة.
الثامن : يمكن أن يستفاد من قوله تعالى : (لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) ، أنّهم إنّما تمنّوا ذلك بأن تطمس نفوسهم ولا نقش فيها من العقائد الزائفة والرذائل الموبقة ، لتكون مستعدّة لفيض ذلك اليوم الذي يعمّ المؤمنين.
بحث روائي
في الدرّ المنثور عن ابن انس : «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إنّ الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ، ويجزي بها في الآخرة ، وأمّا الكافر فيطعم بها في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة لم تكن له حسنة».