الطاعة والعصمة ، وإن اختلفوا عنه من جهات اخرى ، وسيأتي مزيد بيان لذلك إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ).
بيان لأهمّ مظاهر الطاعة المفترضة ، فإنّ في التنازع والخصام يمتحن كثير من العباد ، فيتبيّن صدق إيمانهم وحسن سريرتهم وانقيادهم لأحكام الله تعالى وأوامره.
والآية المباركة تفريع على الحصر المستفاد ممّا ورد في صدر الآية حيث أوجب طاعة الله ورسوله وبيان لها بأنّ هذه الطاعة لا بد أن تكون في كلّ شيء يمسّ صلاح المؤمنين وسعادتهم في الدارين ، وهي الموارد الدينيّة التي تكون موارد لتطبيق الطاعة المفترضة ، وأنّها هي التي تتكفّل رفع كلّ تنازع واختلاف يفترض.
فلفظ الشيء وإن كان عامّا يشمل الأحكام الشرعيّة وغيرها ، ولكن قوله تعالى : (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) يدلّ على أنّه مختصّ بتلك الأشياء التي ليس لأولي الأمر الاستقلال والاستبداد فيها ، لما يراه من المصالح كالجهاد والصلح ونحو ذلك ، وإلا لا معنى لإيجاب الردّ إلى الله والرسول مع فرض طاعة اولي الأمر في هذه الموارد.
وكيف كان ، فالآية الشريفة تدلّ على أنّ تشريع الأحكام ممّا يختصّ به الله تعالى ومن أفاض عليه عزوجل وهو الرسول الكريم. وأما اولوا الأمر ، فإنّ عليهم شرح الأحكام وتفسيرها وتطبيقها ورفع التنازع بين أفراد الامة بارجاعهم إلى طاعة الله والرسول ، فليس لأحد ـ سواء أكان من اولي الأمر أم من دونهم ـ التصرّف في حكم ديني شرّعه الله ورسوله ، فهما وحدهما المرجع الديني الذي يرجع إليه في كلّ الأمور ، ويستفاد من ذلك أنّ ولي الأمر لا بد أن يكون عالما بجميع الخصوصيات ، وذا معرفة تامّة بالأحكام الشرعيّة ليردّ المتنازعين إلى طاعة الله والرسول.