إيمانا مزعوما ، وهذا من المواضع القليلة التي يترتّب الأثر على الإرادة. وإنّها تكشف الإيمان الباطل وتميّزه عن الإيمان الصحيح الثابت ، وتبيّن علامات الإيمان الباطل ، وهي : إرادة التحاكم إلى الطاغوت الذي أمروا أن يكفروا به ، ومخالفة حكم الله تعالى ، وإنّ الشيطان يريد أن يضلّهم ضلالا بعيدا لا التقاء فيه مع الحقّ والإيمان الصحيح.
الثاني : يدلّ قوله تعالى : (رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) على أنّ التسليم لحكم الله تعالى والتوقّف في حكم الرسول صلىاللهعليهوآله نفاق.
الثالث : يدلّ قوله تعالى : (إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) على أنّ المصائب تكون كسبية ، يكتسبها الإنسان من فعل الذنوب والآثام ، وتدلّ عليه آيات اخرى ، إلا أنّ ذلك هل يكون جزاء وعقوبة (كفّارة) ويكون لطفا ورفع درجة؟ والظاهر أنّه يختلف باختلاف الأفراد أو باختلاف العمل.
والأمر الذي لا بد من الإذعان به أنّ ذلك نتيجة للأعمال والذنوب ، وتكون موافقة لنوع الذنب ، لقانون توافق الجزاء مع الذنوب ، وأنّ التوبة ترفع تلك الآثار وتمحوها ، كما تقدّم في مبحث التوبة وغيره.
الرابع : يستفاد من قوله تعالى : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) أدب الاحتجاج ومراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فأوّل ما يبدأ به هو الإعراض عمّا صدر منهم من مخالفات وسوء في القول والفعل ، ثم الوعظ والإرشاد وإصلاح النفوس بهما ، ثم القول البليغ ، ولم يرد في تحديده من قبل الإسلام شيء ، فالأمر موكول إلى المرشد والمصلح بما يراه من المصلحة وما يوجب الوصول إلى بغيته ، وهي الصلاح والرشاد وتأثّر النفوس بالمواعظ والنصائح ، وقد يصل إلى التهديد والتوعيد ، ولكن لا بد أن يكون كلّ ذلك موافقا لظاهر الشرع ، وأن لا يخرج عن أدب الإسلام في هذا المضمار.