الجنابة بالشروط المعروفة المذكورة في كتب الفقه ، أي : لا تقربوا الصلاة جنبا حتّى تغتسلوا ، إلا أن تكونوا عابري سبيل.
وإنّما قدم لبيان أنّ الحكم حال الجنابة ليس على الإطلاق ، كما في صورة السكر ، وللإعلام بكفاية الاغتسال في الدخول في الصلاة وفي المساجد.
قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى).
تفصيل بعد إجمال في الاستثناء ، وبيان الحكم لأصحاب الأعذار بعد ذكر حكم الواجدين للشرائط ، فشرّع الله تبارك وتعالى الطهارة الترابية (التيمم) في الحدث الأكبر والأصغر لإباحة الدخول في الصلاة بدلا عن الطهارة المائيّة.
والمرض : معروف ، وهو خروج الجسم أو المزاج عن الاعتدال ، وهو على قسمين :
الأول : المرض الجسمي ، أي : العارض على الجسم أو المزاج ، كما في قوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨٤] ، وقوله تعالى : (وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) [سورة النور ، الآية : ٦١].
الثاني : ما يخصّ القلب ويستقر فيه ، كالجهل والجبن والبخل والنفاق وغيرها من الرذائل الخلقية والصفات السيئة المانعة عن ادراك الفضائل وتحصيل السعادة الدنيويّة والاخرويّة ، كالمرض الجسمي المانع عن التصرّفات والأعمال التي تستقر الحياة عليها ، قال تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) [سورة البقرة ، الآية : ١٠] ، وقيّد هذا القسم في القرآن الكريم بالقلب دائما ، لاستقراره فيه كما مرّ ، وأما قوله تعالى : (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [سورة الشعراء ، الآية : ٨٠] ، فهو في غير المعصومين أعمّ من المرض الجسمي والقلبي ، وفيهم يختصّ بالجسمي فقط.
والمنساق من الآية الكريمة هو القسم الأوّل منه ، وإطلاقها يشمل كلّ مرض ، إلا أنّه مقيّد بالمرض الذي يمنع من استعمال الماء معه ، إما لأنّه يوجب