مفقود ، فإنّ ظاهر عبور السبيل هو الأعمّ من السفر ، بل وحمله عليه بعيد عن سياق الآية الشريفة.
الثاني : المراد من الاستثناء هو المرور في المسجد ، أي : لا تقربوا الصلاة جنبا في المساجد وغيرها ، ولا يجوز دخول الجنب المساجد إلا عابر السبيل ، أي : مارّا بها ، فيستفاد منه جواز عبور الجنب في المساجد وحرمة لبثه فيها ، وذهب إلى هذا القول جمع كثير ، ويدلّ عليه جملة من الروايات ـ كما سيأتي نقلها في البحث الروائي ـ وإنّ المتبادر من ظاهر الآية الشريفة النهي عن قرب الصلاة ، ومن مناهي القرب هو الدخول في المسجد لشدّة ارتباط الصلاة به ، فالنهي عنها نهي عن الدخول في المساجد ، فيدلّ الاستثناء على النهي عن الصلاة في حالة الجنابة بالمطابقة ، وعلى النهي في الدخول في المساجد بالالتزام ، وهذا الأسلوب شائع في القرآن الكريم.
وقد تقدّم أنّ بعض الأعلام حمل لفظ «الصلاة» في الآية الشريفة على ضرب من الاستخدام ، فجعل لفظ الصلاة في قوله تعالى : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) على المعنى الحقيقي ، وفي قوله تعالى : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) على المعنى المجازي ، أي : مواضع الصلاة.
الثالث : ذكر بعضهم أنّ «إلا» في الآية المباركة تحمل على الوصفيّة ، لتكون بمعنى (غير) صفة لجنبا ، أي : جنبا غير عابري سبيل ، بأن يكونوا لابثين ، فيكون المنهي عنه ـ وهو قرب الصلاة في حالة الجنابة ـ مقيّدا بالإقامة ، فيستفاد منه أنّ قربانها حال الجنابة مع عدم الاقامة غير منهي عنه.
ويردّ عليه أنّ الحمل على الوصفيّة إنّما يصحّ إذا تعذّر الحمل على الاستثناء ، ولا تعذّر هنا ، لعموم النكرة في سياق النهي.
قوله تعالى : (حَتَّى تَغْتَسِلُوا).
غاية للنهي عن قربان الصلاة حال الجنابة. والمراد بالاغتسال هو غسل