وبعبارة اخرى : أنّ المراد إثبات تفضيل الصنف على الصنف ، لا تفضيل الشخص على الشخص.
الحادي عشر : يمكن أن يراد من الرجال في قوله تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) ، الذين صدقوا ما عاهد الله عليه ، الذين وهبهم الله تعالى كمال الانقطاع إليه عزوجل وأفاض عليهم العقول الكاملة ، وأن يكون المراد بالنساء مطلق من لم يصل إلى تلك المرتبة من الرجال ، فتكون القوامية هي قوام التنظيم ، وهو من أهمّ إفاضات الباري عزوجل على أوليائه ؛ لأنّهم جعلوا الدنيا تحت أقدامهم ، فجعل الله تعالى جزاء ذلك أمر العالم تحت اختيارهم ، ويدلّ على ما ذكرناه جملة من الأخبار.
الثاني عشر : تصوّر الآية الشريفة : (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ) الزوجة التي هي ربّة البيت وسيدة المجتمع التي تربّت بالتربية الإلهيّة الكاملة. وترشد الآية المباركة إلى أنّ التحفّظ على الغيب لا بد أن يكون على نحو ما علّمها الله تعالى ، ولعلّ ما ورد عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «جهاد المرأة حسن التبعّل» ،وكذا ما ورد عن أوصيائه الكرام التي جمعها الفقهاء والمحدّثون وعلماء الأخلاق ، مأخوذ من الآية الكريمة ، فتصحّ المعاشرة ويصلح الأولاد وتترتّب عليها الآثار المطلوبة ، فإنّ صلاح البيت بصلاح ربّتها ، كما أنّ صلاح المملكة بصلاح رئيسها ، ولأجل أهميّة الموضوع فقد تصدّى سبحانه وتعالى لرعاية هذا الإصلاح والصلاح ، فقال تعالى : (بِما حَفِظَ اللهُ) ، فالرجال قوّامون خارج البيت ، والمرأة الصالحة ربّة البيت والقيمة عليها ، وليس المراد من القواميّة للرجال قوام الجبروت والاستيلاء ، بل المراد القواميّة في الحوائج الشرعيّة المتعارفة وتنظيم الاسرة الكاملة ، كما عرفت.