قوله تعالى : (وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى).
الجار من الجوار بالمكان والمسكن ، وهو ضرب من ضروب القرابة ، فإن الإنسان قد يمت بالجوار بوثائق وشيجة ما لا تكون في غيره من القرابة. والمراد بذي القربى ـ بقرينة المقابلة لما يأتي من الوصف ـ هو الجار القريب دارا ، وإنّما قدّمه تعالى على ما يأتي ؛ لأنّ فيه الجوار والقرب.
وقيل : المراد به القريب نسبا ، على ما سيأتي.
قوله تعالى : (وَالْجارِ الْجُنُبِ).
الجنب بضم الجيم والنون من الجنابة ، ضدّ القرابة ، أي : الأجنبي ، وهو الجار البعيد دارا ، وذكر بعض المفسّرين أنّ المراد بالأولى الجار ذي القربى ، يعني : الذي بينك وبينه قرابة ، والجار الجنب ، يعني : الذي ليس بينك وبينه قرابة ، ويكون التكرار لذي القربى باعتبار امتيازه بحقّ الجوار أيضا.
ولكن ظاهر الآية المباركة يدفع ذلك كما عرفت ، ويشهد لما ذكرناه ما روي عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله في تحديد الجوار بأربعين ذراعا أو أربعين دارا ، ويمكن أن يكون الاختلاف للإشارة إلى الجار القريب والجار الجنب ، وإن كان تحديدا للجوار ، إلا أنّه يرجع فيه إلى العرف.
والآية الشريفة تؤكّد رعاية حقّ الجوار في جميع حالاته ، وقد ورد عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورّثه».
قوله تعالى : (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ).
بفتح الجيم وسكون النون ، وهو شقّ الإنسان وغيره ، والمراد به المصاحب الملازم لجنبك ، وعمومه يشمل الصاحب في السفر والصاحب في الحضر والمنزل وغيرهم ، وذكر بعض المفسّرين أنّه مختصّ بالمصاحب في السفر والرفيق فيه.