واستفراغ أوعية المني ، مع غضّ النظر عن ما يترتّب على ذلك وعدم الالتزام بآثاره ، كما هو الحال في الزنا ، وأما المتعة فإنّها وإن تضمّنت صبّ المني واستفراغ أوعيته ، لكن مع الالتزام بآثار ذلك كما يلتزم المتمتع في النكاح الدائم ، وأمّا التأهّل ، والاستيلاد ، وحماية الذمار والعرض ، فليست من العلل التامّة في النكاح والمتمتع مطلقا ، فإنّ الله تعالى قد أذن بالتمتع بالإماء ، ولا ينكر ذلك أحد من المسلمين وليس فيه أي واحدة من تلك الأمور التي ذكرها في وجه حلّية النكاح ، فهذه الأمور إنّما هي من وجوه الحكمة ، لا العلّة في التشريع ، والفرق بين الأمرين ، واضح لمن له أدنى تأمّل.
ثم إنّ الذي ذكره في المتعة من أنّ : «المتمتع بها في كلّ شهر تحت صاحب ، وفي كلّ سنة بحجر ملاعب» ، فإنّه ينقض ذلك في الأمة ، بل قد يتحقّق في المتزوّجة بالزواج الدائم ، ولا ضير في أن يكون الأمر كذلك ؛ بعد أن ذكر أنّ المتزوّج بالزواج المؤقّت يلتزم بآثار هذا العقد وما يترتّب على هذا النكاح من لحوق الولد به ، ووجوب الإنفاق عليه ، ولزوم العدّة على المرأة بعد المفارقة ، ونحو ذلك ممّا سيأتي في البحث الفقهيّ ، فالإحصان حاصل بالمتعة بعد الالتزام بلوازمها الشرعيّة ، ولا يضر بها كون المراد بالاستمتاع في الآية الشريفة هو الوطء والدخول ، كما هو الحال في بعض أفراد النكاح الدائم ولا يمكن إنكاره.
والمرأة المتمتع بها لا يمكنها التزويج بعد المفارقة من الزوج الأوّل إلا بعد العدّة واستبراء رحمها ، فكيف تكون : «صولجانة يلعب بها» كما قاله بعض المفسّرين ، فدلالة الآية المباركة على أنّ المراد بها النكاح المؤقّت لا غبار عليها.
الإشكال الثاني قال بعضهم : إنّه قد استدلّ الجمهور بقوله تعالى : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) ، على تحريم نكاح المتعة الذي هو النكاح المؤقّت بأجل بلفظ المتعة ، وهو استدلال ظاهر ، إذ انّ التي عقد عليها هذا لم تكن مملوكة ملك يمين ، وهو ظاهر ، ولم تكن زوجة ؛ لأنّ لعقد الزوجيّة لوازم