ولا بد أن يكون الحكم صالحا للتحكيم وقادرا على حلّ النزاع ورفع الخلاف بحسن التدبير في حلّ جميع المنازعات ، ويعتبر الاطمئنان بأمانتهما ، فإن بها تتمّ الفائدة المرجوة من بعثهما.
وإطلاق الآية الشريفة ينفي كلّ قيد في المقام ، كما أنّ مقتضاه هو ثبوت حقّ التفريق لهما ، إلا أنّه استفاضت الروايات أنّ حكمها بالفراق موقوف على إذن الزوجين ، أو الشرط الضمني ، وبها يقيّد إطلاق الآية الشريفة ، وسيأتي نقل بعضها.
قوله تعالى : (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما)
ظاهر السياق أنّ الضمير يرجع إلى الحكمين ، أي : إن أراد الحكمان إصلاح شأن الزوجين ، وكان من نيتهما الصلاح والإصلاح فقط ، دون ترجيح أحد الجانبين على الآخر عنادا ولجاجا أو رغبة لأحدهما دون الآخر ، فإن الله تعالى يوفّقهما للحقّ ويجمع رأيهما على الصواب ، لرجوع الأمور كلّها إليه عزوجل.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً)
أي : أنّ الله عليم بحقائق الأمور وأحوال العباد ومصالحهم ، خبير بنيّاتهم وما تطويه ضمائرهم.
بحوث المقام
بحث دلالي :
تدلّ الآيات الشريفة على امور :
الأوّل : يرشد قوله تعالى : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) إلى أهمّ حقيقة من الحقائق التي كشف عنها القرآن الكريم بأسلوب لطيف يجذب القلوب وتطمئن إليه النفوس ، يشعر المخاطب بأنّ ما قسمه الله تعالى