قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨٥] ، ومنها قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) [سورة الحج ، الآية : ١٤] ، ومنها قوله تعالى : (إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [سورة النحل ، الآية : ٤٠] ، وغير ذلك ممّا هو كثير.
وأمّا السنّة فسيأتي نقل بعضها.
وأمّا الإجماع ، فقد أطبق أرباب الملل والنحل بل جميع العقلاء على ثبوتها له عزوجل.
ومن العقل حكمه البتّي بأنّ الله تعالى عالم حكيم في أفعاله ، وهما يقتضيان الفاعليّة بالإرادة والاختيار ، فليس جلّ شأنه من قبيل الفاعل الموجب ، وكلّ من كان كذلك لا بد وأن تكون له إرادة ؛ ولذا نرى وجود بعض الممكنات ، وحدوثها في وقت دون آخر ، بل نرى آثار إرادته في جميع الممكنات ، وهذا الدليل يتمّ أيضا حتّى بناء على القول بأن إرادته تعالى إنّما هي الإيجاد والإحداث ، لأنّ العلم والحكمة من مقتضيات الفاعليّة على وجه الاختيار ، وهي الإرادة.
فما ذكره بعض العلماء من أنّ إثبات الإرادة لله عزوجل من جهة النقل دون العقل.
مردود ، كما عرفت.
وأمّا السنّة ، فقد وردت أخبار كثيرة في شرح كلتا الإرادتين ـ إرادة الخالق تعالى وإرادة المخلوق ـ ونحن نورد جملة منها ، ونذكر ما يستفاد منها.
ففي الكافي : عن صفوان قال : «قلت لأبي الحسن عليهالسلام : أخبرني عن الإرادة من الله ومن الخلق؟ قال عليهالسلام : الإرادة من الخلق الضمير ، وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل ، وأمّا من الله تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك ؛ لأنّه لا يروي ، ولا يهم ، ولا يتفكّر ، وهذه الصفات منفية عنه ، وهي صفات الخلق ، فإرادة الله الفعل