وقيل : إنّه المنقطع إليك ، يرجو نفعك ورفدك ، وروي عن علي عليهالسلام : «أنّه مرآة الرجل التي تكون بجنبه» ، وظاهر الآية المباركة شمولها للجميع.
قوله تعالى : (وَابْنِ السَّبِيلِ)
وهو المسافر المنقطع عن أهله وبيته ، فليس له مدد وقوة إلا السبيل الذي صار ابنا له ، وقد ذكر الفقهاء أنّه يشمل ابن الطريق الذي يستعين بك في طريقه ، والذي لا يعرف حاله ، والغني في وطنه الذي انقطع في السفر عن الوصول إلى أمواله والاستعانة بالدين.
قوله تعالى : (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)
وهم العبيد والإماء الذين ورد ذكرهم في مواضع اخرى ، والإحسان إليهم يشمل جميع أنحائه ووجوهه.
وفي التعبير بما ملكت الأيمان ما لا يخفى من التحريض بالرفق بهم وعدم الاستعلاء عليهم ، فإن الإنسان إنّما ملكهم بأيمان وعهود لا بد من مراعاتها والوفاء بها ، وهو يستدعى الإحسان إليهم.
وقد جمع سبحانه وتعالى في هؤلاء الأصناف جميع الحقوق التي يجب مراعاتها ، وهي حقّ الله تعالى ، وحقّ الوالدين ، وحقّ القرابة ، وحقّ الأيمان الذي يستتبع حقوقا كثيرة.
وعظّم سبحانه وتعالى شأن الإحسان بهؤلاء المذكورين ، إذ قرن وصيته به بالوصية بعبادته ونبذ الشرك. وأحكام هذه الآية الشريفة ممّا تنادى بها الفطرة وتبعث عليها الأخلاق الفاضلة والعاطفة النبيلة ، ويشهد بها الوجدان ، وتدلّ عليها الحجّة القاطعة ، فلا يحقّ لأحد التمادي عنها وتركها ، إلا من أعجبته نفسه الأمّارة بالسوء ، والمستكبر على الحقّ ، فيكون مختالا بغروره فخورا بنفسه وباعجابه بها ، قد ركبت عليه الغفلة ، فأنساه الشيطان ذكر ربّه وأغمض عن الحقّ ؛ ولذا عقّب سبحانه بعد هذه الآيات المباركة ذكر المختال الفخور ، مشعرا بأنّ من لم يراع حقوق هذه الموارد ، يكون من المختال الفخور.