بحث روائي
في الكافي بسنده عن أبي بصير عن الصادق عليهالسلام قال : «كلّ راية ترفع قبل قيام القائم ، فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عزوجل».
أقول : وقريب منه غيره ، والرواية من باب التطبيق وذكر أحد المصاديق ، ولعلّ الوجه في ذلك عدم إمكان إجراء صاحبها الحقّ المحض والعدالة الاجتماعيّة الكاملة ، فتكون الدعوة حينئذ إلى خلاف الواقع بزيّ الواقع ، وتلبيس غير الحقّ بلباس الحقّ مع العلم والاختيار ، فيكون ذلك عبادة من دون الله عزوجل ، بخلاف ما لو ظهرت دولة الحقّ وورث الأرض ومن عليها من أراده الله تعالى ، وهو الإمام المعصوم المؤيّد منه جلّ شأنه ، فلا يبقى حينئذ للباطل مجال ولا للجور مكان بعد ظهوره إما لتكميل نفوسهم وعقولهم بالسير الاستكمالي ، أو بشروق ربانيّ كما في بعض الروايات ، وما ذكرنا لا ينافي وجوب القيام لتبليغ الأحكام وتطبيقها قبل قيام الحجّة الثابت بالأدلّة الأربعة ، إن لم يناف المقرّرات الشرعيّة من جهة اخرى.
وفي الدرّ المنثور : عن ابن عباس قال : كانت اليهود يقدمون صبيانهم يصلّون بهم ويقرّبون قربانهم ويزعمون أنّهم لا خطايا لهم ولا ذنوب ، وكذبوا قال الله تعالى : «إني لا أطهّر ذا ذنب بآخر لا ذنب له» ، ثم أنزل الله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ).
أقول : الرواية أيضا من باب التطبيق ومطابقة للآية المباركة : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [سورة الأنعام ، الآية : ١٦٤].
وعن السدّي في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) ، قال : نزلت في اليهود ، قالوا : إنّا نعلّم أبناءنا التوراة صغارا ، فلا يكون لهم ذنوب ، وذنوبنا مثل ذنوب أبنائنا ، ما عملنا بالنهار كفّر عنا بالليل».