شدّة المرض أو زيادته أو بطء البرء منه ، أو ما يكون سببا للعجز عن تحصيل الماء.
وبعبارة اخرى : ما يكون موجبا للمنع من استعمال الماء ، إما بتعذّر استعماله ، أو بتعذّر الوصول إليه.
وأما المرض اليسير الذي ليس فيه كلفة ولا مشقّة ، ولا يكون سببا للحرج كالصداع ووجع السنّ ونحوهما ، فلا يكون عذرا ، والتفصيل مذكور في كتب الفقه ، فراجع كتابنا (مهذب الأحكام).
قوله تعالى : (أَوْ عَلى سَفَرٍ).
أي : وإن كنتم على سفر ، والمراد به المعنى اللغوي ، وإطلاقه أيضا يشمل كلّ سفر قصير أو طويل ، سفر معصية كان أم طاعة ، ولكن التنكير فيه يوجب تقييده بالسفر الذي لا يحصل لكم فيه الماء ، فإنّ الغالب عدم وجدان الماء في السفر ، ويدلّ عليه أيضا هذا التعبير : (على سفر) بدلا عن مسافرين ونحوه ، فإنّ الأول أوضح في المقصود.
قوله تعالى : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ).
عذر آخر من الأعذار المبيحة للطهارة الترابيّة ، وحالة اخرى مقتضية لها ، وهي حصول الحدث الأصغر.
والغائط : الموضع المنخفض والمطمئن من الأرض ، ويقصد عند قضاء الحاجة والتخلّي ، لأنّه استر له ، وصار اللفظ كناية عن الحدث الأصغر الخارج عن أحد السبيلين ، والمجيء من الغائط ، كناية عن حصول الحدث.
وفي التعبير ب : (أَحَدٌ) على التنكير والإبهام ، إيماء بأن الإنسان يتفرّد عند قضاء الحاجة ، وهذا من أدب القرآن الكريم حفظا للحشمة.
ولا يختصّ هذا العذر أو الحالة بالسفر أو بالحضر ، بل يشمل كلا الحالين ، ولذا قال بعضهم إن (أَوْ) هنا بمعنى الواو ، ولكن الظاهر أنّه بمعنى التقسيم والتنويع لبيان مطلق الأعذار والأحداث.