بحث كلامي
تقدّم في احد مباحثنا السابقة أنّ صفات الله جلّ شأنه تنقسم إلى أقسام عديدة حسب اختلاف الوجوه والاعتبارات :
فتارة : تنقسم إلى صفات الذات وصفات الفعل.
واخرى : إلى الصفات العامّة كالخالقيّة ، والخاصّة كالفيوضات الخاصّة على أنواعها وأقسامها.
وثالثة : تنقسم إلى الصفات الثبوتيّة والصفات السلبيّة ، وفي هذا البحث يقع الكلام في القسم الأخير ، أي الصفات الثبوتيّة والصفات السلبيّة ، والمراد بالأولى تلك الصفات التي تكون كمالا للمتّصف بها ، ولا يستلزم من نسبتها إليه عزوجل نقص ، فيجب حينئذ الاتّصاف بها ، وهي كثيرة ، كالعلم والحياة والقدرة ونحو ذلك ، وتسمّى بالصفات الجماليّة أو الكماليّة.
والمراد بالثانية هي تلك الأمور التي يمتنع ثبوتها لذاته المقدّسة ، وتسمّى بالصفات الجلاليّة ، أي : يجلّ وينزّه تعالى عنها ، وهي النواقص ولواحق الإمكان وكلّ صفة إذا استلزمت النسبة إليه عزوجل نقصا ، وهي كثيرة وقد ورد جملة منها في القرآن الكريم والسنّة الشريفة ، مثل أنّه تعالى ليس بجسم ، ولا بمكاني ولا زماني ، ولا كيف له ، وأنّه ليس بمتحرّك ، ولا سكون له ، ولا يرى ، أي : لا تدركه الأبصار وغير ذلك ، كما سيأتي في الموضع المناسب شرح ذلك كلّه. إلا أنّ البحث في المقام يقع في نفي الظلم عنه عزوجل ، كما دلّت عليه الآية التي تقدّم تفسيرها.
وقبل أن نتعرّض لذلك لا بد أن نشير إلى الصفات التنزيهيّة التي تجلّ ذاته الأقدس عن الاتصاف بها ؛ للزوم النقص ، هي غير البحث الذي أشار إليه الأئمة المعصومون عليهمالسلام ، وهو أنّ الصفات الكماليّة التي يتّصف بها عزوجل لا يمكن