بحث عرفاني
للإرادة والمراد شأن عجيب في الدلالة على المريد وما له من الشؤون ، فتدلّان عليه دلالة المعلول على العلّة التامّة ، ويكشفان عنه كشف الأثر عن المؤثّر ، سواء كان المراد قولا أو فعلا أو كتابة أو غيرها.
ومن هذا الباب كشف جميع الآيات الكونيّة والآيات القرآنيّة ، عن وجود الله تعالى وصفاته العليا وأسمائه الحسنى ، وهي بمجموعها تدلّ على عظمة هذا الموجود الذي تاهت العقول في معرفته ، قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) [سورة فصلت ، الآية : ٥٣].
وكذلك تكشف تأليفات المؤلّفين وشعر الشعراء ، واختراعات العلماء عن مراتب كمال من تصدّى لها ، وقد ورد في الحديث : «يعرف قدر الرجل من رسوله وعبده». والعقلاء يدركون ذلك أيضا ، بل يمكن أن تصل النفس الإنسانيّة إلى مرتبة الخلاقية للمراد ، فتصل إلى غاية المال وتصير محلّ خوارق العادات وصدور الكرامات ، وذلك شيء يسير في مرتبة العبوديّة ، التي كنهها الربوبيّة ، كما في الحديث عن الصادق عليهالسلام.
بحث قرآني
ذكرنا أنّ الآيات الثلاث المتقدّمة ـ التي تكرّر فيها كلمة «يريد» ، إنّما هو لكثرة أهمية الإرادة ـ من أهمّ الآيات التي اشتملت على الجوانب المادّية والمعنويّة للأحكام الشرعيّة التي شرّعها الله تعالى لتكميل الإنسان.
وذكر هذه الآيات الشريفة بعد سرد جملة كثيرة من الأحكام الاجتماعيّة ، ومنها محرّمات النكاح وما أحلّ من نكاح النساء ، لبيان أنّ جميع ما ذكر من