قوله تعالى : (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها).
تعليل لما سبق من الاستفهام في الآية المباركة السابقة : (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ، وبيان لنفي الظلم ، فإنّ الذي يضاعف الحسنات لا يتصوّر في حقّه الظلم ؛ لأنّه لا فائدة فيه ترجع إليه.
والحسنة : هي الأفعال التي يقبلها العقل ويحثّ عليها الشرع. والمضاعفة : هي الزيادة على الشيء بمثله في المقدار أو أمثاله ، وقد أهمل سبحانه وتعالى المضاعفة في العدد والمدّة ولم يحددها في المقام ـ وإن ذكر في موضع آخر : (أَضْعافاً كَثِيرَةً) [سورة البقرة ، الآية : ٢٤٥] ؛ لأنّها من مظاهر رحمته الواسعة غير المتناهيّة ، فهو عزوجل في مقام الجزاء يضاعف الحسنات بما شاء من المضاعفة لرحمته الواسعة.
والمعنى : أنّهم لو آمنوا وأنفقوا لم يكن الله ليظلمهم ، ولأعطى جزاء أعمالهم وإنفاقهم ، بل ضاعف لهم الأجر بما يشاء في العدد أو المدّة أو كليهما.
قوله تعالى : (وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً).
بيان للحسنة المضاعفة وتعليل لها ، أي : أنّ الله يضاعف الحسنات لأنّه يعطي الأجر العظيم ، ولا يقتصر على مضاعفة حسنات المحسنين ، بل يزيد عليهم وأنّه يعطيهم الأجر العظيم.
وإنّما ذكر عزوجل تكريما للمطيع وإكمالا لابتهاجه ، وقد اختلفوا في الأجر العظيم ، فذكر بعضهم أنّه الجنّة.
وقال آخرون : إنّه اللذّة الحاصلة عند اللقاء والاستغراق في المحبّة والمعرفة ، والحقّ هو الأوّل ؛ لأنّها مقابل الحسنات ، وهذه أعظم وأكثر ، فإنّه يشمل اللذائذ المعنويّة الروحانيّة ودرجاتها أيضا.