للكمال وتحقيق مقاصده الدنيويّة والاخرويّة ، وإصلاح شؤون نفسه ونيل سعادته وكلّ ما يراه خيرا ، ولا يتحقّق ذلك في طمس الوجه والردّ على الأدبار ، فيستلزم الضلال وعدم الفلاح حينئذ.
وقد ذكر المفسّرون في معنى الآية الكريمة وجوها اخرى ، فقيل : إنّ المراد بالطمس تحويل وجوه قوم إلى الأقفية في آخر الزمان أو في يوم القيامة ، فتصير عيونهم مثلا في قفاهم.
وقيل : إنّ المراد بالطمس هو الخذلان الدنيويّ ، فلا يزالون على الذلّة والمسكنة ، قال تعالى : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا) [سورة آل عمران ، الآية : ١١٢].
وقيل : يردّهم عن الهداية إلى الضلالة ، قال تعالى : (وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ) [سورة الجاثية ، الآية : ٢٣].
وقيل : إنّ المراد من الطمس إجلاؤهم من الحجاز وردّهم إلى الشام.
وقيل : إنّ المراد من الوجه هو الوجهاء والأعيان ، ومن الطمس مطلق التغيير ، أي : نجعل رؤوسهم أذنابا ، وذلك أعظم سبب البوار والدمار.
وهذه الوجوه خلاف ظاهر الآية الشريفة التي تدلّ على أنّ الطمس تصرّف إلهي في الإنسان يوجب تغيير طبعه عن قبول ما يوافق الفطرة والارتداع عن مطاوعة الحقّ ، الذي كان حاصلا من تغيير البيئة الأصليّة للإنسان ، وعدم وصوله إلى الكمال اللائق بحاله ، وهو يستلزم عدم تحقّق السعادة الدنيويّة والاخرويّة.
والآية المباركة صريحة في عدم تحقّق هذا النوع من التصرّف الإلهي ، وإنّما هو وعيد يكشف عن شدّة سخطه بأبلغ وجه ، حيث لم يعلّق وقوع المتوعّد به بالمخالفة ، ولم يصرّح بوقوعه عندها ، تنبيها على أنّ ذلك أمر واقع لا محالة غني عن الإخبار به الحقّ ، فإنّه تعالى بعد أن دعاهم إلى الإيمان بالكتاب الذي نزل