(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (٦٦) وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (٦٧) وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٦٨))
بعد ما بيّن عزوجل الإيمان الصحيح وعرّف المؤمنين المحكّ الحقيقيّ له ، ذكر عزوجل في هذه الآيات المباركة بعض الأمور التطبيقيّة لذلك ، اختبارا للمؤمنين لإعلامهم مقدار تأثّرهم بتلك التوجيهات الكريمة ، فاستنهضهم بقبول حكم الله تعالى ، فأمرهم بالقتال والهجرة من الديار ، أو فعل ما يوعظون به ، وأخبرهم بأنّ تلك الأحكام إنّما نزلت لصلاحهم وسعادتهم وهدايتهم إلى الصراط المستقيم الذي يوصلهم إلى الكمال المنشود ، ويبيّن عزوجل أنّ من يدخل في طاعة الله عزوجل ويقبل أحكامه وينفذها قليل ، فلا بد من الجهاد والصبر والمثابرة وقبول مواعظه عزوجل التي لها الأثر الكبير في ترويض النفوس وتهذيبها للدخول في طاعته.
التفسير
قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ)
سياق الكلام وإن كان مع المنافقين ، ولكن يمكن تعميمه لجميع المكلّفين اختبارا لإيمانهم ، والكتابة هي الفرض والوجوب ، أي : ولو أنّا فرضنا عليهم قتل أنفسهم بتعريضها للجهاد والقتال مع أعداء الله تعالى أو الخروج من أوطانهم وديارهم المألوفة والهجرة في سبيل الله تعالى ، والغرض من فرض هذين الحكمين اختبارهم لإظهار طاعتهم وانقيادهم لحكم الله تعالى ورضائهم به والتسليم لأمره عزوجل في جميع الأحوال ، ولعلّه لأجل ذلك تصدّرت الآية الشريفة