هو أحد أفراد النكاح بالمعنى العامّ ؛ لكونه هو الفرد المتعارف والموافق للطبع في نظر الإنسان ، فإنّ ذلك لا يوجب تخصيص الآية.
كما أنّه لا وجه للقول بأنّ هذه الآية تكون مؤيّدة بأنّ المراد من الاستمتاع في الآية السابقة هو النكاح الثابت ، فإنّه لا تأييد فيها بوجه من الوجوه ، بل الآية الشريفة في مقام التنزيل وذكر أفراد المنزل عنه والمنزل إليه ، مع أنّ الآية السابقة ظاهرة في نكاح المتعة ـ كما عرفت ـ وأنّ عدم الطول بالنسبة إليها يختلف بالنسبة إلى النكاح الدائم.
قوله تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ).
جملة معترضة لبيان الوجه في اعتبار الإيمان في الفتيات المؤمنات ؛ لأنّ الإيمان قد رفع شأنهن وساوى بينهن وبين الحرائر ، وأنّ الإيمان يرفع المتّصف به إلى أعلى الدرجات ، وهو مناط التفاخر ، لا الأحساب والأنساب والأوهام الباطلة ، فرب أمة مؤمنة أفضل من حرّة عند الله تعالى لكمالها بالإيمان.
ولكن الإيمان أمر قلبيّ يتفاوت فيه الأفراد ، والله تعالى أعلم بدرجات إيمانكم قوة وضعفا وكمالا ونقصا ، والمناط هو الجري على الأسباب الظاهريّة ، والإيمان الظاهريّ هو المبنيّ على الشهادتين وإتيان الوظائف الدينيّة والدخول في جماعة المسلمين ، وهو كاف في التكاليف ، ومنها المقام ، أي : نكاح الأمة. والآية المباركة في مقام نفي إزالة النفرة عن نكاح الإماء وتأنيس القلوب بهنّ.
قوله تعالى : (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ).
بيان لحقيقة من الحقائق القرآنيّة في مطلق الإنسان ، فإنّ جميع الأفراد متساوون في الإنسانيّة ، فالرقيق إنسان والحرّ إنسان ، لا امتياز بينهما من هذه الجهة وإن اختلفا في بعض الخصوصيات التي يبتني عليها النظام العامّ ، ولكن تلك لا توجب القرب والامتياز عند الله تعالى إلا ما بيّنه عزوجل آنفا ، وهو الإيمان والتقرّب إليه سبحانه بالطاعة.