وكيف كان ، ف (إذا) تكون جزاء وجوابا في الأكثر كما يقال لك : أحبّك ، فتقول : إذا أظنّك صادقا ، والتفصيل يطلب من كتب النحو.
و (سوف) في قوله تعالى : (سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً) تسويف وتنفيس وسعة الاستقبال كالسين ، وقيل : تأتي سوف للتهديد وتنوب عنها السين ، واستشهدوا بهذه الآية الكريمة ، ولكنّه بعيد ، واستفادة التهديد إنّما تكون بقرائن خارجيّة.
وكيف كان ، فالمعروف أنّ (سوف) أبلغ من السين في التنفيس وسعة الاستقبال في المضارع الذي تدخله ؛ نظرا الى القاعدة المعروفة : «إن زيادة المباني تدلّ على زيادة المعاني» ، وقد تقدّم في التفسير ما يتعلّق بذلك ، فراجع.
بحث دلالي
تدلّ الآيات الشريفة على امور :
الأول : يدلّ قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) أنّ التزكية للنفس بغير حقّ مذموم لا تصدر من عاقل ، وقد وصف الله تعالى المزكّين لأنفسهم في الآيات الكريمة بأمور تدلّ على بعدهم عن الكمال وسفاهة أحلامهم واتصافهم برذائل الأخلاق ، منها الكذب على الله تعالى ، ومنها الإيمان بالجبت والطاغوت ، والإعراض عن الحقّ ، والازدراء بالذين آمنوا وترجيح الكافرين والباطل عليهم. ومنها : البخل ممّا آتاهم الله تعالى الذي أخذ العهد منهم بالبذل ، ومنها : الحسد لأهل الفضل ومن حباهم الله بالفضل العظيم ، ولعلّه لأجل اتصافهم بهذه الصفات الذميمة أوجبت استحقاقهم بأشدّ العذاب ، وأرشدهم عزوجل الى نبذهم هذه العادة السيئة ، فإنّ الله تعالى يعلم حقيقة الأمر وواقع الحال ، وكلّ يرجع الى عمله وما استحقّه من الجزاء ، ولا يظلمون في أقلّ ما يمكن أن يتصوّر ، ولا عبرة بتزكيتهم لأنفسهم.
الثاني : يدلّ قوله تعالى : (بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ) أنّ التزكية حقّ من حقوق الله تعالى ، ولا يحقّ لأحد التدخّل في شؤون الخالق وما يخصّه عزوجل ،