قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)
تثبيت لما ورد من الأوامر في الآية الشريفة وتشديد في الحكم ، وبيان الى أن حقيقة الإيمان لا تتحقّق إلا بذلك ، ومثل هذا التعبير قد ورد كثيرا في القرآن الكريم ، ويراد به بيان حقيقة الإيمان ، وأنّ مخالفة هذا الأمر يوجب الخروج عن دائرة الإيمان ، فلا يعود المؤمنون حينئذ مؤمنين حقيقيين ، ففي الآية الشريفة تهديد خفي وتوعيد للمؤمنين إن هم خالفوا ما ورد فيها من الأوامر والأحكام ، لا سيما الحكم الأخير ، وهو الردّ إلى الله تعالى والرسول عند التنازع ، أنّهم يخرجون عن حقيقة الإيمان وسيجزون جزاء أعمالهم في اليوم الآخر.
قوله تعالى : (ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)
بيان لبعض الفوائد المترتّبة على هذه الأحكام ، واسم الإشارة يرجع الى ما ورد في الآية الشريفة من الأوامر ، أي : أنّ طاعة الله وطاعة الرسول واولي الأمر وردّ المتنازع فيه إلى الله والرسول خير لكم وأنفع ، وفيها صلاح أمركم وسعادتكم ، وأحسن ما يوجب تحقيق مصالحكم وأغراضكم في الدارين ، دون ما تتوهّمون.
وقد تقدّم في قوله تعالى : (وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) [سورة آل عمران ، الآية : ٧] ، المراد من التأويل وذكرنا أنّه هي المصالح الواقعيّة التي ينشأ منها الحكم ، فيترتّب عليها العمل ، وهي التي يسعى الإنسان في جهده للوصول إليها ، ويرى أنّ بها تتمّ أغراضه وسعادته ، وفي قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) [سورة النساء ، الآية : ٦٩] ، بيان بعض مصاديق حسن التأويل.