والتجارة إمّا على النصب على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه ، والتقدير إلا أن تكون الأموال تجارة.
وأشكل عليه بأنّه زيادة حذف وتقدير ؛ وأنّ الأموال ليست بتجارة ، بل هي ما يتاجر به. ولكن عرفت أنّ التجارة تطلق على الأموال التي تملك بعقود المعاوضات مع قصد الاكتساب.
أو التقدير إلا أن تكون التجارة تجارة ، فتكون الصفة (عَنْ تَراضٍ) توضيحيّة.
وإمّا أن تقرأ على الرفع على أن (كان) تامّة.
والرضا : هو طيب النفس ، كما يدلّ عليه قوله صلىاللهعليهوآله : «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه».
وإطلاقه يشمل ما إذا كان الرضا مقارنا مع العقد ، أو بعده كما في بيع المكره والفضولي.
واختلف العلماء في الاستثناء الواقع في الآية الشريفة.
فقيل : إنّه متصل ، ومعنى الآية الكريمة : لا تأكلوا أموالكم إلا أن يكون الأكل تجارة عن تراض منكم ، فإذا كان من غير طريق التجارة كان أكلا بالباطل ، فيكون الباطل قيدا توضيحيا جيء به لبيان حال المستثنى منه بعد خروج المستثنى وتعلّق النهي ، نظير قولهم : لا تضرب اليتيم إلا تأديبا.
وقيل : الآية الشريفة تنهى عن مطلق أكل مال الغير بغير عوض ، ولقد كان الرجل يتحرّج عن أن يأكل عند أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية المباركة ، حتّى نسخ ذلك بقوله تعالى : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) ـ الآية [سورة النور ، الآية : ٦١]. ولكن الآية الكريمة أجنبيّة عمّا ذكروه.
وقيل : المراد من الآية الشريفة النهي عن صرف المال في ما لا يرضاه الله تعالى ، وبالتجارة صرفه في ما يرضاه عزوجل.
ويردّ عليه ما تقدّم.