نكاحهن نوع من الحزازات ، ويترتّب عليه من العواقب التي يرغب عنها الأحرار ، ككون أمر الأمة بيد المولى في غير ما يعارض النكاح والاستمتاع ، فإنّهما للزوج ، وأنّ النكاح في معرض الفسخ بالبيع وانتقال الملكيّة إلى مولى آخر ، أو أنّ المهر الذي بذله الزوج يذهب هدرا لو أعتقها المولى ، وغير ذلك ممّا ذكرناه في طي كلامنا ، ونسب إلى نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «الحرائر صلاح البيت ، والإماء هلاك البيت».
وأمّا ما ذكره بعضهم من صيرورة الولد المتولّد منها رقّا ، فهو غير تامّ عند الإماميّة وبعض فقهاء الجمهور ، فإنّ الولد يتبع أشرف أبويه في الحرّية والإسلام حتّى جعل الإماميّة ذلك قاعدة فقهيّة ، ودلّت عليها الأخبار والإجماع.
وكيف كان ، فالآية المباركة في مقام الإرشاد إلى ترك نكاح الإماء ، أي : استحباب تركه ، لا التحريم ، ويدلّ عليه جملة من الأخبار.
وقيل : إنّ المتعلّق هو الزنا ، أي : صبركم عن الزنا خير لكم لما فيه من تهذيب النفس وتحصيل ملكة العفّة والتلبّس بلباس التقوى وتحكيم العقل ، وترك اتباع الشهوات ، وأيّد ذلك بأن ترك نكاح الإماء لا يجتمع مع خوف العنت والمشقّة ، فلا بد أن يكون المراد الصبر عن الزنا ، وتركه بالازدواج معهن.
ويمكن الجواب عنه بأن خشية العنت لها مراتب متفاوتة ، فبعضها يجامع الصبر ، وهو ما إذا علم من نفسه العصمة من الزنا وارتكاب الفحشاء إذا ترك التزويج بهن ، لكن مع المشقّة الشديدة. ولكنّ بعض المراتب لا تجتمع مع الصبر ، كما إذا غلب على ظنّه أو علم بأنّه يقع في الفحشاء ، فحينئذ يكون النكاح واجبا أو مستحبّا.
قوله تعالى : (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
أي : والله غفور يغفر لمن خالف إرشاداته وأوامره ، ويمحو آثار سيئاته ، ولا يؤاخذه بما يختلج في نفوس المؤمنين ، رحيم بعباده يرشدهم إلى ما يصلحهم ، ولا يكلّفهم إلا ما يطيقونه.