والآية الشريفة تدلّ على خبث باطنهم في أنّهم يتركون الهداية والإيمان بالحقّ ، ويؤمنون بكلّ ضالّ مضلّ ، وأنّهم نصروا المشركين وقضوا للجبت والطاغوت كما حكى عنهم عزوجل بعد ذلك ، فحرموا أنفسهم من كلّ خير وهداية.
قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا)
بيان لإيمانهم بالجبت والطاغوت ، أي : يحكمون لقومهم الذين كفروا ، فاستحقوا بذلك أن يكونوا مؤمنين بهما ، فإنّ الحكم للباطل إنّما يكون لأجل أنّه من مصاديق الجبت والطاغوت.
قوله تعالى : (هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً)
بيان لقولهم واظهار لعقائدهم ، والآية المباركة إشارة إلى أهل مكة ومشركيها ، أي : أنّهم حكموا لهم بأنّهم أهدى من أهل الإيمان وأقوم سبيلا.
وإنّما أوردوا أفعل التفضيل في كلامهم على سبيل الاستهزاء ، وإلا فإنّهم لم يلحظوا معنى التشريك فيه. وقد وصف سبحانه وتعالى الرسول صلىاللهعليهوآله واتباعه بالوصف الجميل ، فإنّهم الذين آمنوا تخطئة لمزاعم الكافرين وردّا لما وصفوا أهل الإيمان بأشنع القبائح.
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ)
أي : أولئك الذين أوتوا نصيبا من الكتاب لعنهم الله وأبعدهم من رحمته ، وإنّما أشار إليهم بالبعد لأجل بعدهم عن الحقّ وغورهم في الضلالة وكفرهم بالرسول صلىاللهعليهوآله وخبث باطنهم.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً)
بيان لجريان سنّته جلّ شأنه في الذين لعنهم الله تعالى وطردهم عن رحمته بأنّه لا ناصر لهم ، ومن ذا ينصر على الله من لعنه ، فلا ينصرهم أحد فيمنع عنهم العذاب.