أقول : يستفاد من هذه الرواية تعدّد المنازل والمواطن في يوم القيامة ، وأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله شهيد على جميع الرسل والشهداء ، كما تقدّم.
وفي تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) ، قال : «يتمنّى الذين غصبوا أمير المؤمنين عليهالسلام أن تكون الأرض ابتلعتهم في اليوم الذي اجتمعوا فيه على غصبه ، وأن لم يكتموا ما قاله رسول الله فيه».
أقول : هذا من باب التطبيق ، فإنّ غصبه عليهالسلام وعصيانه يكون من عصيان الرسول والخروج عن طاعته.
وفي تفسير العياشي عن الصادق عليهالسلام عن جدّه أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبة يصف فيها هول يوم القيامة : «ختم على الأفواه فلا تكلّم ، وتكلّمت الأيدي وشهدت الأرجل وأنطقت الجلود بما عملوا ، فلا يكتمون الله حديثا».
أقول : معنى الرواية أنّ الخلائق يوم القيامة لا يكتمون الله حديثا تكوينا ، أي : بجوارحهم ، فإنّها تشهد عليهم ، كما يأتي في الآيات الدالّة على ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن حذيفة قال : «أتي بعبد آتاه الله مالا فقال له : ماذا عملت في الدنيا ـ ولا يكتمون الله حديثا ـ فقال : ما عملت من شيء يا رب إلا أنّك آتيتني مالا فكنت أبايع الناس ، وكان من خلقي أن أنظر المعسر ، قال الله : أنا أحقّ بذلك منك ، تجاوزوا عن عبدي ، فقال أبو مسعود الأنصاري : هكذا سمعت من في رسول الله».
أقول : هذا من باب ذكر أحد المصاديق للآية الشريفة ، وأنّ الروايات في فضل وثواب إنظار المعسر كثيرة ، وأنّ الجوارح كما تشهد بما صدر عنها من الأفعال السيئة ، كذلك تشهد بالأفعال الحسنة الصادرة عنها ، فإنّ شهادتها تعمّ.