الكبار فيها ، كما أبهم عزوجل بعض الأمور أيضا ، مثل الاسم الأعظم ، ليواظبوا على جميع الأسماء الحسنى ، وليلة القدر ليعظم جدّ الناس واجتهادهم في المواظبة على الطاعة في جملة من الليالي. ووليّ الله تعالى بين الناس ليحترموا جميع الأفراد ، فلا يسيئوا الظنّ بأحد منهم ، وساعة الاستجابة في الأيام وغير ذلك.
مع أنّ لنا نقول : إنّ الكبائر قد بيّنها القرآن الكريم والسنّة المقدّسة في الجملة ، فإنّ من المعاصي ما قد جعل لها الإسلام حدّا معلوما في الدنيا ، كالزنا واللواط والسرقة والقذف ونحو ذلك من موجبات الحدود المعروفة في الفقه ، وهذه لا إشكال عند أحد في كونها كبيرة ، وكذا تكون المعصية كبيرة إذا كانت العقوبة عليها النّار ، بنصّ من الشرع المبين كتابا وسنّة ، فتكون كبيرة لكون العقاب عظيما.
وأما غير ذلك ، فإنّه يحتمل أن تكون كبيرة وقد أبهم الأمر فيها عزوجل ، ليكون الناس على حذر منها.
ثم إن الذنوب والمعاصي لها إضافات متعدّدة :
الاولى : الإضافة إلى الله عزوجل ، وبحسب هذه الإضافة تكون كبيرة ، فإن ارتكابها جرأة على الله تعالى ، وعلى هذا يحمل ما ورد في بعض الأخبار من أنّ الذنوب كلّها كبيرة ، كما عرفت آنفا.
الثانية : الإضافة إلى الفاعل العاصي.
الثالثة : إضافة بعضها إلى بعض ، وبحسب هاتين الإضافتين تتحقّق الكبيرة والصغيرة في الذنوب ، وحينئذ فإمّا أن تكون كبيرة مطلقا ولا صغيرة فيها ، كالكذب والغيبة والبهتان وإيذاء المؤمن ، وأكل مال الناس ونحو ذلك. وإمّا أن تكون صغيرة ولا كبيرة فيها إلا مع الإصرار ، كوضع اليد على مال الغير بدون إذنه ، والنظر إلى الأجنبيّة. وإمّا أن تكون فيه الكبيرة والصغيرة ، كالظلم والشتم بغير حقّ ، والضرب والقتل كذلك ، فبعض مراتب الأوّل صغيرة والاخرى كبيرة.