والمراد بها في المقام هي المرأة التي تختصّ بخلّة الرجل ومصاحبته للزنا والفجور ، ونفي هذا الفرد مع أنّه منفي بالآية السابقة للتأكيد على تركه ، لأنّه كان شائعا في الجاهلية ، فقد كانت العرب تعيب الإعلان بالزنا بأن تأخذ الأجر من الراغبين فيها ولا تعيب على ذات الخدن ، أي : الزنا سرّا مع صديق لها على الخصوص ؛ ولذا أفرد سبحانه وتعالى كلّ واحد من هذين القسمين بالذكر ، ونصّ على حرمتهما معا ، وحرّم جميع مظاهر الزنا ، قال تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) [سورة الانعام ، الآية ١٥١].
وإنّما أتى بصيغة الجمع ؛ للدلالة على الكثرة ، فإنّ النفس لا تقنع بالخدن الواحد إذا اطلق زمامها واطيعت في ما تهواه.
قوله تعالى : (فَإِذا أُحْصِنَ).
بضمّ الهمزة وكسر الصاد بالبناء للمفعول ، وهي القراءة المعروفة ، أي : فإذا أحصن بالتزويج ، وقرئ بالبناء للفاعل ، أي : أحصن فروجهن وأزواجهن.
وكيف كان ، فالمراد من الإحصان التزويج ، وهو المناسب للسياق والتفريع ، ويدلّ عليه بعض الأحاديث.
وقيل : المراد بالإحصان الإسلام ، واستدلّ عليه بما رواه في الدرّ المنثور عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «إحصانها إسلامها».
ولكنه مردود :
أولا : أنّه مخالف لسياق الآية الشريفة.
وثانيا : أنّ الإحصان حينئذ من فعلهنّ ، لا من غيرهن عليهن ، الذي هو مفاد القراءة بالبناء للمفعول.
وثالثا : الحديث معارض بغيره.
نعم ، لو كان المراد من الإسلام الحقيقيّ منه ، كان له وجه.