للفطرة السليمة التي فطر الناس عليها ، والتي تكون مطابقة للملّة الإبراهيميّة التي أمر الأنبياء باتباعها ، لا سيما سيدهم نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله ، فلا بد أن تكون تلك السنن مطابقة للعقل والفطرة والملّة الحنيفيّة.
ومن ذلك يعلم فساد ما ذكره بعض المفسّرين من أنّ المراد بسننهم على هذا المعنى سننهم في الجملة ، لا سننهم بتفاصيلها وجميع خصوصياتها ، فلا يرد عليه أنّ أحكامهم ما تنسخه هذه الآيات بعينها ، كازدواج الإخوة والأخوات في سنّة آدم عليهالسلام ، والجمع بين الأختين في سنّة يعقوب عليهالسلام.
فإنّ سننهم هي المطابقة للفطرة ، ولا نسخ في هذه بشيء منها ، فإنّ هذه الآيات عقيب تلك الأحكام يدلّ على أنّها من سنن الذين من قبلكم التي هدانا الله تعالى إليها ، فازدواج الإخوة بالأخوات محرّم في جميع السنن ، في سنّة آدم عليهالسلام وسنّة خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله ، وكذا الازدواج بالبنات والعمّات والخالات وبنات الأخ ، والاخت.
ويمكن أن تجعل هذه الآية المباركة من الأدلّة على بطلان القول بالازدواج بين الإخوة والأخوات : لأنّه من غير السنّة التي هدانا الله تعالى إليها. ويشهد له ذيل الآية الشريفة : (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ، الدالّ على توبة الله تعالى على عباده الذين طمسوا نور الفطرة بارتكاب الذنوب والآثام ، فمنّ الله تعالى عليهم أن أرشدهم إليها وهداهم إلى سنن الأنبياء الصالحين من قبلهم.
ويدلّ عليه تذييله بقوله تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ، أي : عليم بتلك السنن التي طمستها يد التحريف. وميّز سبحانه وتعالى بين السنّة الصحيحة والباطلة ، فأمرنا باتباع الاولى وترك الثانية ، فهو حكيم في أفعاله يضع الأمور في مواضعها.
وبالجملة : هذه الآيات الشريفة صريحة في أنّ ما سنّه الله تعالى في خصوص النكاح أو الأعمّ ، هي من سنن الصالحين الذين من قبلكم فنسبة