والإحسان بمن ورد ذكرهم في الآية المباركة السابقة ، وكان ذلك من طاعة الله عزوجل وعبادته ، وأنّ الإعراض عنها يكون من الإشراك به.
ثم تحدّث عن الفئتين اللتين امتنعتا عن تنفيذ أحكام الله تعالى والعمل بوصاياه ، عتوّا واستكبارا ، وهما المختالون الفخورون اللذين احتقروا خلق الله تعالى واتخذوا البخل شعارا لهم ، فضيّعوا تلك الحقوق المؤكّدة.
وفي هذه الآية الشريفة يبيّن عزوجل حال تلك الطائفة المختالة المتكبّرة ، وقد ذكر لهم ستّة أوصاف تدلّ على بعدهم عن الكمال والأوصاف الحميدة ، وشدّة غيهم وضلالهم ، واستكبارهم على الله تعالى وجرأتهم عليه ، وإعراضهم عنه عزوجل ، وقربهم من الشيطان ، واستحقاقهم الجزاء الذي يوافق اعتقادهم وملكاتهم الرذيلة.
والبخل : هو الامتناع عن أداء ما فرضه الله تعالى على الإنسان ، وهو يرجع إلى لؤم النفس وشقائها ، والسبب في ذلك هو الاستكبار والعجب بالنفس ، فكانت النتيجة أنّهم بخلوا بما آتاهم الله من الفضل ولم يبذلوه في الموارد التي قرّرها الله عزوجل وأوصى العباد بالإنفاق فيها واكتساب الفضل منها ، وقد ذكر العلماء في إعراب هذه الجملة وجوها كما سيأتي.
وأما أمرهم بالبخل ، فلسوء سريرتهم وخبث باطنهم وشدّة طمعهم وحبّهم للدنيا ، ولقطع آمال الناس فيهم ، والأمر منهم يتحقّق بالقول وبالفعل أيضا ؛ لأنّهم أصحاب ثروة ومال وجاه ، يقصدهم الناس ويطمعون في أموالهم ، فيؤثّر فيهم فعلهم كقولهم.
قوله تعالى : (وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)
مظهر آخر من مظاهر البخل وسوء السريرة.
وإنّما ذكر سبحانه وتعالى هذه الطائفة وذمّهم ؛ لأنّهم مع الطائفة الاولى على طرفي الإفراط والتفريط ، فإنّ البخل والسرف ـ الذي هو الإنفاق لا على ما