وعن «الراوندي» أنّ : «الظنّ هنا بمعنى اليقين.» وعن بعض الشرّاح أنّه : «يمكن أن يكون على حقيقته.» (١) وكلاهما موجّهان ؛ إذ المعلوم هو وجوده المبشّر به والمشوّق إليه في حدّ نفسه ، فهو بين يدي العبد شأنا.
وأمّا أنّ الوجهة الّتي توجّه العبد إليها بكمال إيمانه وخلقه وعمله وهو ذلك الّذى بشّر به بأن يكون غاية تلك الجهات هو المشوّق إليه المرغوب إليه ، فذلك غير معلوم ، بل المؤمن ظنون بنفسه.
وأصغى سمعه إليه أى : أماله ، و «زفير النار» : صوت توقّدها ، والزفير أيضا : إخراج النفس بعد مدّة ، فالمراد زفير أهل جهنّم. و «الشهيق» : تردّد البكاء في الصدر مع سماع الصوت من الحلق ، وشهيق الحمار صوته ، وكونهما في أصول الآذان كناية عن تمكّنهما في الآذان ؛ كذا ذكره بعضهم.
وحنى الظهر يحنوه ويحنيه أي : عطفه فانحنى. قيل : وحنوهم على أوساطهم وصف لحال ركوعهم. والافتراش : البسط على الارض وهو وصف لحال سجودهم. ويحتمل تعميم الفقرتين لغير الحالين أيضا ، فانّ المتّصف بالاحوال المذكورة إذا كان قائما كان منحني الظهر في الجملة ، وافتراش الجبهة والاكفّ من حالات الخضوع المنبعث منها.
وقال بعضهم : يطلبون إلى الله أي : يسئلونه راغبين ومتوجّهين إليه. وفكّ الرقبة كمدّ أي : أعتقها ، والاسير : خلّصه.
هذا ، وفي بعض النسخ في نظير الرواية الثانية : «ويستترون به» بعد قوله : «يحزنون به أنفسهم» ؛ ولعلّ المراد أنّهم يخفونه عن الناس خوفا من الرياء ، أو طلبا لكونه عبادة سرّيّة. وفي بعضها : «ويستبشرون به» ، وقيل في معناه : «أي :
__________________
(١) القول لابن أبي الحديد ، فراجع شرحه على نهج البلاغة ، ج ١٠ ، خ ١٨٦ ، ص ١٤٣.