أو ضرره فيه ، فكأنّ ما سواها لا ينبغي أن يعدّ نعمة بقول مطلق وإن كان في أنظارنا معاشر أهل الدنيا بالعكس ، حيث لا نعدّ لأنفسنا نعمة إلا في المأكل والمشرب وما بحكمهما ، إلا أنّه من جهة الخطاء في النظر المصداقي لا من حيث [هو] وإلا إذا تعمّقنا النظر في النعم الباطنيّة والباقية والاخرويّة علمنا أنّ هذه النعم الدنيويّة لا قدر لها عندها ، ولا ينبغي أن يسمّى نعمة ؛ أو ما سمعت ما روي عن الامام المطلق عليهالسلام من قوله :
«والله ما دنياكم عندي إلا كسفر على منهل (١) حلّوا إذ صاح بهم سائقهم فارتحلوا ، ولا لذاذتها في عيني إلا كحميم أشربه غسّاقا ، وسمّ أفعاه أتجرّعه ذعاقا (٢) ، وقلادة من نار أوهقها (٣) خناقا» (٤)؟
على ما يخطر ببالي من ألفاظه. بل جعله كعراقة خنزير في يد مجذوم أو أهون منه. (٥)
نعم ، من حيث التوصّل بها إلى الآخرة هي نعم مقدّميّة لانفسيّة ، لكنّ الكافر محروم من هذه الحيثيّة وإن كان هو منشأ حرمانه بسوء اختياره. فتخصيص
__________________
(١) المنهل : موضع شرب الماء على الطريق.
(٢) في الامالي والبحار : «دهاقا».
(٣) الوهق بفتحتين : حبل يلقى في عنق الشخص يؤخذ به ويوثق (المصباح).
(٤) رواه الصدوق (ره) في الامالي ، المجلس التسعون ، ح ٧ ، عن المفضل بن عمر ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه ـ عليهمالسلام ـ ، عنه ـ عليهالسلام ـ ؛ ونقله المجلسي (ره) في البحار ، ج ٧٧ ، باب مواعظ أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ وخطبه ، ص ٣٩٢ ، ح ١٣.
(٥) راجع نهج البلاغة ، ح ٢٣٦ ، ص ٥١٠. وأصل كلامه ـ عليهالسلام ـ هو : «والله لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير في يد مجذوم.»