وحينئذ فالظاهر أن يكون حظّ كلّ إنسان من بيانات القرآن بقدر قابليّته واستعداده وعلمه بكيفيّة الاستخراج ، ولا يستفاد من صدر الحديث ما ينافي ذلك ، بل يدلّ علي ذلك إن جعلنا قوله «في كتابه» طرفا للدليل ، فيكون الدليل في الكتاب هو الاية الدالّة. والظاهر أنّه ليس المراد من نفي علم الناس به نفي علم ما سوى الامام بشيء منه على سبيل الاستغراق الحقيقيّ ، وإلا لاقتضى إنكار وجود المحكم في الكتاب أصلا ، بل نفي وصول أفهام عامّة ألناس إلى الادلّة الخفيّة منها. والظاهر أنّ المراد بالسنن هو طريقة فعل الله بالنسبة إلى عباده ؛ كقوله : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ)(١) ، ويبعد إرادة السنّة التشريعيّة المقابلة للفريضة.
وأمّا الفصل والوصل ، فالظاهر إرادة وصل الكلام وربطه معنى بسابقه ، وانقطاعه عنه باستيناف مطلب جديد ؛ ك «آية التطهير» (٢) الواقع ذيلها عقيب المخاطبة لأزواج النبي صلىاللهعليهوآله في الظاهر ، لكون المخاطب بالذيل غيرهنّ ، فيكون الذيل مفصولا عن الصدر غير موصول به.
ولا يبعد أن يكون [المراد](٣) ب الاحرف الحروف المقطّعة في القرآن ، وب التصريف ما عداها ، أو بما أريد من قوله تعالى : (نُصَرِّفُ الْآياتِ).
وربّما يطلق النسخ على الاعمّ من النسخ التشريعى والبداء التكويني ، أو على الاخير خاصّة البداء ؛ كما هو الظاهر فيما عن الكليني بسنده عن جميل بن صالح قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزوجل : «الم* غُلِبَتِ الرُّومُ*
__________________
(١) الاحزاب / ٣٨ و ٦٢.
(٢) الاحزاب / ٣٣ ، وهي : «... إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً».
(٣) أضفناه بقرينة المقام.