عديدة وردت عن طريق أهل البيت عليهمالسلام في رواياتهم نذكر منها ما ورد عن الإمام أبي محمّد العسكريّ عليهالسلام ، قال : «قال الصادق عليهالسلام : لقد حدثني أبي الباقر ، عن جدّي عليّ بن الحسين زين العابدين ، عن أبيه الحسين بن علي سيّد الشهداء ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين) ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد قال رجل من النصارى : يا محمّد ، أو لستم تقولون : إنّ إبراهيم خليل الله ، فإذا قلتم ذلك فلم منعتمونا أن نقول : إنّ عيسى ابن الله؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّهما لم يشتبها ، لأنّ قولنا : إنّ إبراهيم خليل الله ، فإنّما هو مشتق من الخلّة والخلّة ، فأمّا الخلّة فمعناها الفقر والفاقة ، فقد كان خليلا وإلى ربّه فقيرا ، وإليه منقطعا ، وعن غيره متعفّفا معرضا مستغنيا ، وذلك لمّا أريد قذفه في النار فرمي به في المنجنيق ، بعث الله تعالى إليه جبرائيل ، وقال له : أدرك عبدي. فجاءه فلقيه في الهواء ، فقال له : كلّفني ما بدا لك ، فقد بعثني الله تعالى لنصرتك. فقال : بل حسبي الله ونعم الوكيل ، إنّي لا أسأل غيره ، ولا حاجة لي إلّا إليه ، فسمّاه خليله ، أي فقيره ومحتاجه والمنقطع إليه عمّن سواه.
وإذا جعل معنى ذلك من الخلّة ، فهو أنّه قد تخلّل معانيه ووقف على أسرار لم يقف عليها غيره ، كان معناه العالم به وبأموره ، ولا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه ، ألا ترون أنّه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله ، وإذا لم يعلم أموره لم يكن خليله. وإنّ من يلده الرجل ، وإن أهانه وأقصاه ، لم يخرج عن أن يكون ولده لأنّ معنى الولادة قائم» (١).
__________________
(١) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ص ٥٣٣ / ٣٢٣.