كل مرة على أمر خاص : ففي المرة الأولى حيث تحمل الآية وعدا لزوجين بأنهما إذا انفصلا فإن الله سيغنيهما ولأجل إثبات قدرة الله على ذلك ، يذكر الله ملكيته لما في السموات وما في الأرض.
أما في المرة الثانية فإن الآية توصي بالتقوى ، ولكي لا يحصل وهم بأن إطاعة هذا الأمر ينطوي على نفع أو فائدة لله ، أو أن مخالفته ينطوي على الضرر له ، فقد تكررت الجملة للتأكيد على عدم حاجة الله لشيء ، وهو مالك ما في السموات وما في الأرض.
وهذا الكلام يشبه في الحقيقة ما قاله أمير المؤمنين علي عليهالسلام في مستهل خطبة الهمّام الواردة في كتاب نهج البلاغة حيث قال عليهالسلام : «بأن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم لأنه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه» (١).
ويذكر الله ملكيته لما في السموات وما في الأرض للمرة الثالثة كمقدمة للموضوع الذي يلي في الآية (١٣٣) ، ثم يبين ـ عز من قائل ـ إنه لا يأبه في أن يزيل قوما عن الوجود ، ليأتي مكانهم بقوم آخرين أكثر استعدادا وعزما وأكثر دأبا في طاعة الله وعبادته ، والله قادر على هذا الأمر (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً).
وفي تفسير «التبيان» وتفسير «مجمع البيان» نقلا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه حين نزلت هذه الآية ربت على كتف سلمان الفارسي وقال بأن المعنى بالآخرين في الآية هم قوم من بلاد فارس ...
والآية الأخيرة من الآيات الأربع الماضية ، ورد الحديث فيها عن أناس
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٣.