صالِحاً)(١).
فقالوا : والله الكفر بنا أولى ممّا نحن فيه. فساروا ، فقالوا : لهما وخوّفوهما بأهل مكّة ، فعرضوا لهما ، وغلّظوا عليهما الأمر ، فقال عليّ (صلوات الله عليه) : حسبنا الله ونعم الوكيل ، ومضى. فلمّا دخلا مكّة أخبر الله نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بقولهم لعليّ عليهالسلام وبقول عليّ عليهالسلام لهم ، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه ، وذلك قول الله : ألم تر إلى (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ)(٢). وإنّما نزلت : «ألم تر إلى فلان وفلان لقوا عليا وعمارا فقالا : إن أبا سفيان وعبد الله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل» وهما اللذان قال الله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) إلى آخر الآية ، فهذا أوّل كفرهم ، والكفر الثاني حين قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : يطلع عليكم من هذا الشّعب رجل ، فيطلع عليكم بوجهه ، فمثله عند الله كمثل عيسى. لم يبق منهم أحد إلّا تمنّى أن يكون بعض أهله ، فإذا بعليّ عليهالسلام قد خرج وطلع بوجهه. وقال : هو هذا! فخرجوا غضبانا ، وقالوا : ما بقي إلّا أن يجعله نبيّا ، والله الرجوع إلى آلهتنا خير ممّا نسمع منه في ابن عمّه ، وليصدّنا عليّ إن دام هذا ، فأنزل الله (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)(٣) الآية ، فهذا الكفر الثاني ، زاد الكفر بالكفر حين قال الله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ)(٤) فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا عليّ أصبحت وأمسيت خير البريّة. فقال له الناس : هو خير من آدم ونوح ومن إبراهيم ومن الأنبياء؟
__________________
(١) فصّلت : ٣٣.
(٢) آل عمران : ١٧٣ ـ ١٧٤.
(٣) الزخرف : ٥٧.
(٤) البينة : ٧.