غنم ، وكان قابيل صاحب زرّع ، فقرّب هابيل كبشا من أفاضل غنمه ، وقرّب قابيل من زرعه ما لم ينقّ ، فتقّبّل قربان هابيل ، ولم يتقبّل قربان قابيل ، وهو قول الله عزوجل : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) إلى آخر الآية. وكان القربان تأكله النار ، فعمد قابيل إلى النار فبنى لها بيتا ، وهو أوّل من بنى بيوت النار ، فقال : لأعبدنّ هذه النار حتّى تتقبّل منّي قرباني ، ثمّ إنّ إبليس (لعنه الله) أتاه وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق ، فقال له : يا قابيل ، قد تقبّل قربان هابيل ، ولم يتقبّل قربانك ، وإنّك إن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك ، ويقولون : نحن أبناء الذي تقبّل قربانه. فاقتله كي لا يكون له عقب يفتخرون على عقبك. فقتله ... (١).
أما كيفية قتله لأخيه؟!
قال علي بن الحسين عليهالسلام وهو يحدّث رجلا من قريش : «لمّا قرّب ابنا آدم القربان ، قرّب أحدهما أسمن كبش كان في ضأنه ، وقرّب الآخر ضغثا من سنبل ، فتقبّل من صاحب الكبش ، وهو هابيل ، ولم يتقبّل من الآخر ، فغضب قابيل ، فقال لهابيل : والله لأقتلنّك. فقال هابيل : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ)(٢) ـ إلى قوله ـ (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ) فلم يدر كيف يقتله ، حتى جاء إبليس فعلّمه ، فقال : ضع رأسه بين حجرين ، ثمّ اشدخه.
__________________
(١) الكافي : ج ٨ ، ص ١١٣ ، ح ٩٢.
(٢) قال عمر بن حنظلة : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ آية في القرآن تشكّكني؟ قال : «وما هي؟». قلت : قول الله : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) قال : «وأيّ شيء شككت فيها» قلت : من صلّى وصام وعبد الله قبل منه؟»
قال : «إنّما يتقبّل الله من المتقين العارفين» ثمّ قال : «أنت أزهد في الدنيا أم الضحّاك بن قيس؟»
قلت : لا بل الضحّاك بن قيس.
قال : «فذلك لا يتقبّل الله منه شيئا ممّا ذكرت». (المحاسن : ص ١٦٨ ، ح ١٢٩).