المكحلة وجب عليه الرّجم.
فقال ابن صوريا : هكذا أنزل الله التوراة على موسى.
فقال له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : فماذا كان أوّل ما ترخّصتم به أمر الله ورسوله؟
قال : كنّا إذا زنى الشّريف تركناه ، وإذا زنى الضّعيف أقمنا عليه الحدّ ، فكثر الزنا في أشرافنا حتى زنى ابن عمّ ملك لنا فلم نرجمه ، ثمّ زنى رجل آخر فأراد الملك رجمه ، فقال له قومه : لا ، حتّى ترجم فلانا ـ يعنون ابن عمّه ـ فقالوا : تعالوا نجتمع فلنضع شيئا دون الرجم ، يكون على الشّريف والوضيع ، فوضعنا الجلد والتّحميم ، وهو أن يجلد أربعين جلدة ، ثمّ يسوّد وجههما ثمّ يحملان على حمارين ، فيجعل وجهاهما من قبل دبر الحمار ، ويطاف بهما ، فجعلوا هذا مكان الرّجم.
فقالت اليهود لابن صوريا : ما أسرع ما أخبرته به ، وما كنت لما أثنينا به عليك بأهل ، ولكنّك كنت غائبا فكرهنا أن نغتابك. فقال لهم : أنّه أنشدني بالتّوراة ، ولو لا ذلك لما أخبرته به.
فأمر بهما النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فرجما عند باب مسجده ، وقال : أنا أوّل من أحيا أمرك إذ أماتوه ، فأنزل الله سبحانه فيه (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ)(١).
فقام ابن صوريا فوضع يديه على ركبتي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ قال : هذا مقام العائذ بالله وبك أن تذكر لنا الكثير الذي أمرت أن تعفو عنه. فأعرض النبي عن ذلك ، ثمّ سأله ابن صوريا عن نومه ، فقال : تنام عيناي ، ولا ينام قلبي. فقال : صدقت ، فأخبرني عن شبه الولد بأبيه ليس فيه من شبه أمّه شيء ، أو
__________________
(١) المائدة : ١٥.