وتؤكد أنّ جميع الأقوام وأتباع كل المذاهب دون استثناء ، مسلمين كانوا أم يهودا أم صابئين (١) أم مسيحيين ، لا ينجون ولا يأمنون الخوف من المستقبل والحزن على ما فاتهم إلّا إذا آمنوا بالله وبيوم الحساب وعملوا صالحا ...
هذه الآية ، في الحقيقة ردّ قطاع على الذين يظنون النجاة في ظل قومية معينة ، ويفضلون تعاليم بعض الأنبياء على بعض ، ويتقبلون الدعوة الدينية على أساس من تعصب قومي ، فتقول الآية إن طريق الخلاص ينحصر في نبذ هذه الأقوال ....
ولكن ـ كما قلنا ـ تضع الآية حدا فاصلا بقولها (وَعَمِلَ صالِحاً) لكل قول ، وتشخص الحقيقة ، بخصوص تباين الأديان ، فتوجب العمل بآخر شريعة إلهية ، لأن العمل بقوانين منسوخة ليس من العمل الصالح ، بل العمل الصالح هو العمل بالشرائع الموجودة وبآخرها ...
ثمّ إنّ هناك احتمالا مقبولا في تفسير عبارة (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً) وهو إنها تختص باليهود والنصارى والصابئين ، لأن (الَّذِينَ آمَنُوا) في البداية لا تحتاج إلى مثل هذا القيد ، وعليه ، فإن معنى الآية يصبح هكذا :
إن المؤمنين من المسلمين ـ وكذلك اليهود والنصارى والصابئين ، بشرط أن يؤمنوا وأن يتقبلوا الإسلام ويعملوا صالحا ـ سيكونون جميعا من الناجين وإن ماضيهم الديني لن يكون له أي أثر في هذا الجانب ، وإن الطريق مفتوح للجميع (تأمل بدقة).
__________________
(١) الصابئون هم أتباع يحيى أو نوح أو إبراهيم.