على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه» (١).
٢ ـ قال أبو جعفر عليهالسلام لحنان بن سدير : «أنّ صفيّة بنت عبد المطّلب مات ابن لها فأقبلت ، فقال لها عمر ابن الخطّاب : غطي قرطك ، فإنّ قرابتك من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تنفعك شيئا ، فقالت له : وهل رأيت لي قرطا ، يا بن اللخناء؟! ثم دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبرته بذلك ، وبكت ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنادى : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس فقال : ما بال أقوام يزعمون أنّ قرابتي لا تنفع؟! لو قد قمت المقام المحمود لشفعت في أحوجكم ، لا يسألني اليوم أحد من أبوه إلّا أخبرته ، فقام إليه رجل ، فقال : من أبي يا رسول الله؟ فقال : أبوك غير الذي تدعى إليه ، أبوك فلان بن فلان. فقام إليه رجل آخر فقال : من أبي يا رسول الله؟ فقال : أبوك الذي تدعى إليه. ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما بال الذي يزعم أنّ قرابتي لا تنفع لا يسألني عن أبيه؟! فقام إليه عمر فقال : أعوذ بالله يا رسول الله من غضب الله وغضب رسوله ، اعف عنّي ، عفا الله عنك ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) إلى قوله (ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ)(٢).
أقول : ينبغي ألا يظن أحد بأن سبب نزول هاتين الآيتين يعني غلق أبواب السؤال وباب تفهم الأمور بوجوه الناس ، لأن القرآن في آياته يأمر الناس صراحة بالرجوع إلى أصحاب الخبرة في فهم الأمور : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) بل المقصود هو الأسئلة التافهة والتحجج ، والإلحاح المؤدي غالبا إلى تشويش أفكار الناس وقطع التسلسل الفكري للخطيب.
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٣ ، وتفسير الدر المنثور.
(٢) تفسير القميّ : ج ١ ، ص ١٨٨.